وقد اعولت تبكي السماء لفقده *** وأنجمنا ناحت عليه وصلّت([43]) هذا، وقد جمع السيّد الأمين (رحمه الله) مختاراً من مراثي الحسين (عليه السلام) من نحو ستّة آلاف بيت في كتاب سـمّاه الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد، وكذلك فعل السيّد جواد شبّر في كتابه أدب الطفّ البالغ عشرة مجلّدات، فمن أراد الاستزادة فليرجع إلى الكتابين المذكورين. إقامة العزاء والبكاء عليه قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياءً وأمواتاً وتجديد الذكرى لوفاتهم أو شهادتهم وإظهار الحزن عليهم لا سيـّـما من بذل نفسه وجاهد حتّى قتل لمقصد سام وغاية نبيلة، وقد جرت على ذلك الأُمم في كلّ عصر وزمان وجعلته من أفضل أعمالها وأسنى مفاخرها، فحقيق على المسلمين بل جميع الأُمم أن يقيموا الذكرى في كلّ عام للحسين بن علي، فإنّه من عظماء الرجال ومن الطراز الأوّل، جمع أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب علماً وفضلا وزهداً وعبادة وشجاعة وسخاءً وسماحة وفصاحة، وقد جمع إلى كرم الحسب شرف العنصر والنسب، فهو أشرف الناس أباً وأُمّاً وجدّاً وجدّة وعمّاً وعمّة وخالا وخالة، وقد جاهد لنيل أمسى المقاصد وأنبل الغايات، وقام بما لم يقم بمثله أحد قبله ولا بعده، فبذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين وإظهار فضائح المنافقين، واختار المنية على الدنية وميتة العزّ على حياة