قاله د. طه حسين بلوعة وأسف: « أمثالك تموت أجسادهم ; لأنّ الموت حقّ على الأحياء جميعاً، ولكنّ ذكرهم لا يموت ; لأنّهم فرضوا أنفسهم على الزمان وعلى الناس فرضاً »([84]). هذا الكتاب قد يقال: إنّ المؤلّفات التي تناول فيها العقّاد بعض التراجم ـ ومنها هذا الكتاب ـ هي ليست بتراجم، أو على الأقل ليست بتراجم فنيّة بالمعنى الحديث لهذا المصطلح ; لأنّ كلّ ترجمة بهذا المعنى ترتكز على دعامتين أساسيتين: أ ـ بحث تأريخي يقوم فيه المترجم بدور المؤرّخ الحقّ، فيمحّص الوقائع في حيدة تامّة، ويدرس المادّة المتوفّرة لديه بأمانة وموضوعيّة لكي ينفذ في النهاية إلى الحقيقة، ثمّ يرتّب ما توصّل إليه على نحو يتيح تفهّمه واستيعابه. ب ـ نشاط خيالي يلعب فيه المترجم دور الفنّان، فيقدّم في إطار الحقائق التي توصّل إليها كمؤرّخ بناءً يشبه العمل القصصي الجيّد يطلعنا فيه الكاتب على المترجم له وهو يستكشف الحياة بالتدريج كما نفعل نحن جميعاً. وعندما نحاول تطبيق الدعامة الأُولى على أعمال العقّاد فإنّنا نلاحظ هنا عدم توفّر الموضوعيّة في الكثير من الأحيان، ويزيد من ابتعاد العقّاد