مزاجان تاريخيان طبائع الناس يتناوب طبائع الناس مزاجان متقابلان: مزاج يعمل أعماله للأريحيّة([89]) والنخوة، ومزاج يعمل أعماله للمنفعة والغنيمة. والمزاجان لا ينفصلان كلّ الانفصال.. فقد تقترن الأريحيّة بالمنفعة، وتقترن المنفعة بالأريحيّة، ولكنّهما إذا اصطدما ـ ولا سيـّـما في الأعمال الكبيرة ـ لم يعسر عليك أن تفصل المزاجين وتعزل المعسكرين. فهذا للأريحيّة حتّى يجبّ المنفعة ويخفيها، وهذا للمنفعة حتّى يجبّ الأريحيّة ويخفيها.. أو كذلك يتراءيان. وأصحاب المطالب الكبرى في التأريخ يعتمدون على هذا المزاج كما يعتمدون على ذاك.. فمنهم من يتوسّل إلى الناس بما فيهم من الجشع والخسّة وقرب المأخذ وسهولة المسعى، ومنهم من يتوسّل إلى الناس بما فيهم من طموح إلى النبل