يا روح الله، نحن أولى أن نفعله منك! قال: «إنّما فعلت هذا، لتفعلوه بمن تُعلّمون».[398] 314 ـ محمّد بن سنان، رفعه، قال: قال عيسى بن مريم (عليه السلام): «يا معشر الحواريّين، لي إليكم حاجةٌ، اقضوها لي». قالوا: قُضيت حاجتك، يا روح الله. فقام، فغسَل أقدامهم. فقالوا: كنّا نحن أحقّ بهذا، يا روح الله! فقال: «إنّ أحقّ الناس بالخدمة العالم. إنّما تواضعت هكذا، لكيما تتواضعوا بعدي في الناس، كتواضعي لكم». ثمّ قال عيسى (عليه السلام): «بالتواضع تُعمَر الحكمة، لا بالتكبّر; وكذلك في السهل ينبت الزرع، لا في الجبل».[399] 315 ـ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنّه لمّا غزا بتبوك كان معه من المسلمين خمسةٌ وعشرون ألفاً، سوى خدمهم. فمرّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسيره بجبل يرشح الماء من أعلاه إلى أسفله، من غير سيلان. فقالوا: ما أعجب رشح هذا الجبل! فقال: «إنّه يبكي». قالوا: والجبل يبكي؟ قال: «أتحبّون أن تعلموا ذلك»؟ قالوا: نعم. قال: «أيّها الجبل، ممّ بكاؤك»؟ فأجابه الجبل، وقد سمعه الجماعة بلسان فصيح: يا رسول الله، مرّ بي عيسى بن مريم، وهو يتلو: (نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) فأنا أبكي منذ ذلك اليوم، خوفاً من أن أكون من تلك الحجارة. فقال: «اسكن مكانك، فلست منها. إنّما تلك حجارة الكبريت». فجفّ ذلك الرشح من الجبل في الوقت، حتّى لم يُرَ شيء من ذلك الرشح ومن تلك الرطوبة التي كانت.[400] 316 ـ مفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من غسّل فاطمة (عليها السلام)؟ قال: «ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام). كأنّك استفظعت ذلك من قوله». فقال لي: «كأنّك ضقت ممّا أخبرتك»؟ فقلت: قد كان ذلك، جُعلت فداك. فقال لي: «لا تضيقنّ، فإنّها صدّيقةٌ لم يكن يُغسّلها إلاّ صدّيقٌ. أما علمت أنّ مريم (عليه السلام) لم يُغسّلها إلاّ عيسى (عليه السلام)...».[401]