الفلاح، قال: كلمة مقولة، قال: الله أكبر الله أكبر، قال: كبّرت كبيراً، قال: لا إله إلاّ الله، فانفلق الجبل، فإذا شيخ أبيض الرأس واللحية هامته مثل الرحا، فقال له: من أنت؟ قال: أنا زريب بن برتملا وصي العبد الصالح عيسى بن مريم، دعا ربّه عزّ وجلّ لي بطول البقاء، وأسكنني هذا الجبل... إلى أن قال: نزوله من السماء، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويتبرّأ ممّا فعله النصارى، ما فعل النبي؟ قلنا: قبض، فبكى بكاءً شديداً حتّى خضب لحيته بالدموع. قال: من قام فيكم بعده؟ قلنا: أبو بكر، قال: ما فعل؟ قلنا: قبض، قال: فمن قام فيكم بعده؟ قلنا: عمر، قال: فأقرئوه منّي السلام وقولوا له: يا عمر، سدّد وقارب، فإنّ الأمر قد تقارب، خصال إذا رأيتها في أُمّة محمّد فالهرب الهرب، إذا استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وكان الولد غيظاً، والمطر قيظاً، وزخرفت المساجد وزوّقت... وتعلّم عالمهم ليأكل به دنياهم، وخرج الغبي فقام له من هو خير منه، وكان آكل الربا فيهم شريفاً، والقتل فيهم عزّاً، فالهرب. قال: فكتب بها سعد إلى عمر، فكتب عمر: صدقت، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: «في بيت الجبل وصي عيسى بن مريم»، فأقرئه منّي السلام. فأقام سعد بنفس المكان أربعين صباحاً ينادي: يا برتملا، فلا يجاب جزعاً، قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ الله، قال: أخلصت، فالتفت يميناً وشمالاً فلم أرَ أحداً، قال: قلت: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، قال: نبي بعث، قلت: حيّ على الصلاة، قال: فريضة وضعت، قلت: حيّ على الفلاح، قال: قد أفلح من أجابها، استجاب لها كلّ ملك، يقول: فالتفتّ فلم أرَ أحداً، قال: قلت: جنّي أنت أم إنسي؟ إئت، فأشرف عليّ شيخ أبيض الرأس واللحية، فقال: أنا زريب بن برتملا من حواري عيسى بن مريم، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وأنّه الحقّ، وأنّه جاء بالحقّ من عند الحقّ، وقد علمت مكانه، فأردته، فحالت بيني وبينه كفّار فارس، فأقرِئ صاحبك السلام. فكتب سعد إلى عمر، فكتب عمر: ابغونيه محمّد الرجل، فطلب، فلم يجد.[139]