اختارهم، صاروا معه إلى الجبل، فقالوا له: إنّك قد رأيت الله سبحانه، فأرِناه كما رأيته. فقال لهم: إنّي لم أرَه. فقالوا: (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً) فأخذتهم الصاعقة، فاحترقوا عن آخرهم، وبقي موسى وحيداً. فقال: يا ربّ، إنّي اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل، فجئت بهم، وأرجع وحدي. فكيف يصدّقني قومي بما أخبرهم به! فلو شئت، أهلكتهم من قبل وإيّاي. أتهلكنا بما فعل السفهاء منّا؟! فأحياهم الله عزّ وجلّ من بعد موتهم. وكلّ شيء ذكرته لك من هذا لا تقدر على دفعه، لأنّ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قد نطقت به. فإن كان كلّ من أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص والمجانين يتّخذ ربًّا من دون الله، فاتّخذ هؤلاء كلّهم أرباباً. ما تقول يا نصرانيّ»؟ قال الجاثليق: القول قولك، ولا إله إلاّ الله.[215] 155 ـ علي (عليه السلام) قال يوماً لكميل: «يا كميل، إنّ النصارى لم تعطّل الله تعالى ولا اليهود، ولا جحدت موسى ولا عيسى; ولكنّهم زادوا ونقصوا وحرّفوا وألحدوا. فلُعنوا ومُقتوا، ولم يتوبوا، ولم يقبلوا. يا كميل، إنّ أبانا آدم (عليه السلام) لم يلد يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولا كان ابنه إلاّ حنيفاً مسلماً; فلم يقُم بالواجب عليه، فأدّاه ذلك إلى أن يقبل الله له قرباناً».[216] 156 ـ أبو عبد الله، عن أبيه، عن جدّه (عليه السلام)، قال: «المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر صنفاً، منهم: القردة والخنازير... فأمّا القردة: فكانوا قوماً ينزلون بلدةً على شاطئ البحر، اعتدوا في السبت فصادوا الحيتان، فمسخهم الله تعالى قردةً. وأمّا الخنازير: فكانوا قوماً من بني إسرائيل، دعا عليهم عيسى بن مريم (عليه السلام)، فمسخهم الله تعالى خنازير».[217] 157 ـ ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنّ موسى (عليه السلام) حدّث قومه