الكريم (صلى الله عليه وآله) إلى الناس كافة، مضافاً إلى الشجاعة والجرأة التي يمتلكونها وهم يقطعون البلدان البعيدة، لا لشيء إلاّ لنشر دعوتهم إلى أبناء أمتهم بالتمسّك بالمحبّة والأخوّة اللتين حضّ عليها كتاب الله وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين وأصحابه المنتجبين. ولعلّ من أبرز هؤلاء آية الله المصلح الكبير الشيخ عبد الكريم الزنجاني النجفي (رحمه الله). إذ تعود بنا الذاكرة إلى النصف الأول من القرن الماضي، حينما عزم على ترك النجف محطّ العلم والدين، وحاضرة الحوزة العلمية للشيعة، لينطلق في رحلة طويلة وشاقّة، ويجتاز القارات، إلى عدّة أقطار عربية، وعواصم إسلامية، ليؤسّس نواة أول بادرة وحدوية إسلامية، من شأنها دعم الفكر والثقافة التقريبية الصاعدة. ورغم أنّه (رحمه الله) قد عانى المشقّات الكثيرة أثناء رحلته الطويلة، وتلقّى الصدمات بسبب الأوضاع السياسية السائدة آنذاك، والتمزّق الذي كان يشكّل السمة البارزة لأمة الإسلام، إلاّ أنّه استطاع أن يبرز فكرته علناً، ويرتقي المنابر الدينية والعلمية والأدبية، المحلّية منها والرسمية، وأن يستقطب أنظار المسلمين عموماً تجاهها، ويدعو في وضح النهار إلى توحيد الصفّ، والتكاتف مع بعضنا البعض لمواجهة الغزو والاحتلال الأجنبي لأراضينا، وأنّه لا سبيل لذلك إلاّ به. إنّ جهوده الحثيثة التي بذلها أثناء رحلته، ولقاءاته العديدة مع أبرز الشخصيات الوطنية والدينية والأدبية في العالم الإسلامي، ثم نشاطاته على مستوى الرسائل والكتب التي بعثها إلى أبرز ملوك وأمراء العرب، يحثّهم فيها على التدخّل في سبيل معالجة بعض المتطلّبات التي تضرّ بالوحدة الإسلامية... كلّ ذلك دفعت بالوتيرة باتّجاه تصاعدي، من أجل تطوير الفكر والثقافة التقريبية حتى بلغتا شأواً كبيراً، بل وساعدت العلماء والمصلحين من بعده إلى إنجاز مشاريعهم على هذا الصعيد. لكنّه (رحمه الله) يبقى الشاهد الأول الذي يؤكّد على ضرورة العمل والحركة، ونزع الخوف والتردّد في القضايا التي تهمّ الأمة، ومن شأنها أن تعزّز انتصاراتها، وتحقيق مطالبها المشروعة في ظلّ جميع الظروف الصعبة، والتحديات المختلفة. فمرحلة السفر والنشاط والعمل قد تزامنت مع تلك الظروف السلبية التي أحاطت