ظهور الطبقة الرأسمالية. ملاحظة أخيرة: قام ماركس باستخراج شواهد تاريخية على الاغتصاب من تاريخ انجلترا فحسب وشرح كيف جرد الإقطاعيون الفلاحين من أراضيهم وحولوها إلى مراع فتحول الفلاحون إلى عمال في سوق ا لبورجوازية الناشئة ـ فهي عمليات تجريد الفلاح من أرضه لحساب الإقطاعي، لا تجريد الصانع من وسائل الإنتاج لحساب التجاريين. ثم يذكر أن السبب الحقيقي لهذا التجريد هو ازدهار مصانع ا لصوف في الجزء الجنوبي من بلجيكا (الفلاندرز)([55])ورغبة الإقطاعيين لتصدير الصوف الانجليزي الرفيع المستوى إليها. وهكذا نلاحظ أن (طرد الفلاحين) وهو السبب الرئيس لتكون الرأسمالية يقوم على أساس تناقضات النظام الإقطاعي أو العلاقات الإقطاعية ـ كما تقرر النظرية الماركسية ـ بل على أساس عامل خارجي هو ازدهار الرأسمالية التجارية للصوف. ثم إن ماركس أدرك أن طرد الفلاحين لا يفسر التجمع الأولي لرأس المال الصناعي وإنّما يفسر كيف وجد السوق الرأسمالي العمال فراح يفسر ظهور المجتمع الرأسمالي بالاستعمار الذي شمل مناطق أمريكا وأفريقيا والنهب الذي صاحبه ـ وهي عناصر غير ماركسية لأنها تعبر عن القوة السياسية والعسكرية إلاّ أن ماركس في النهاية يعتبر عامل القوة عاملا اقتصادياً فيقول: «فالقوة هي المولد لكل مجتمع قديم أخذ في العمل، إن القوّة هي عامل اقتصادي»([56]). وهذا لا يتفق مع ما قاله الماركسي الثاني انجلز حول التطورات الرأسمالية: من أنه «يمكن تفسير هذه العملية بأجمعها، بعوامل اقتصادية بحتة، وما من حاجة قط في هذا التفسير إلى اللصوصية (القوة) (التدخل الحكومي والسياسي) بأي نوع كان. لا يبرهن تعبير: (الملكية المؤسسة على القوة) في هذا الصدد كذلك، إلاّ على أنه عبارة يجترها (يرددها) مغرور، ليغطي على حرمانه من فهم مجرى الأمر الواقعي (أي جهله بها)». والحقيقة: إننا لا نريد الاعتراض على وصف ماركس لظروف الرأسمالية الانجليزية ولا الدفاع عن