تاريخ الاستعمار الأوروبي الأسود ولكنا نناقش في ادعاء ماركس بأن الرأسمالية لا يمكن أن تنشأ إلاّ في مثل تلك الظروف ـ إذ لا دليل على ذلك بل أن التاريخ يكذبه ومنه تاريخ اليابان ـ التي يعتبرها ماركس الصورة الأمينة للإقطاع([57]). فكيف تحولت اليابان إلى الرأسمالية؟ عندما دخل الأسطول الأمريكي خليج (أوراجا) وراح يفاوض حاكم اليابان العسكري لعقد معاهدات معينة أحست اليابان بخطر الغزو الاقتصادي المدمر وعرف المفكرون أن طريق النجاة هو التصنيع واستخدموا سادة الإقطاع لتحقيقه فقاموا بعزل الحاكم العسكري وإعادة السلطة للإمبراطور الذي جند إمكاناته لإيجاد الثورة الصناعية ونمت بذلك طبقة التجار والصناع وتحطم النظام الإقطاعي ولكن بهدوء ـ حتى نزل أشراف الإقطاع عن امتيازاتهم القديمة سنة 1871 وتم كل شيء بسلام. فهل تنطبق على هذا تفاسير ماركس؟ إننا نجد: أولا: إن التحول إلى الرأسمالية تم بشكل سلمي لا ثوري دفعي آني. وثانياً: إن المجتمع الياباني كله وقف مع هذا التطور فلم يكن هناك صراع طبقي. وثالثاً: إن القوة لم تكن هي السبب في تجمع رأس المال الأولي وتراكمه فلم تتم عمليات غاصبة تجرد المنتجين من وسائلهم وإنّما تم التحول بنشاط شعبي عام استخدمت فيه السلطة الحاكمة نفوذها السياسي كله. فأين هي إذن تفاسير ماركس في هذه الصورة الأمينة للإقطاع؟!