ولكنه غفل عن وجود صفة نفسية فيهما بدرجة واحدة رغم اختلافهما في الخصائص الفيزياوية الكيمياوية ـ وهي الرغبة الإنسانية في الحصول عليهما والتي تتبع المنفعة الاستعمالية لهما ـ ومع هذا لا داعي لاعتبار العمل أساس القيمة. وينهار استدلال ماركس، وتحل الرغبة محل العمل وعندها نتخلص من الصعوبات السابقة. فالذي يوفر إمكانية مبادلة كتاب (وسائل الشيعة) الكبير بـ (الخط الأثري) هو هذا المقياس النفسي، أي الرغبة الإنسانية المتساوية فيهما. ولما كانت الرغبة ناتجة من المنفعة الاستعمالية فلا يمكن إسقاط هذه المنفعة من الحساب ولذا فالسلعة التي لا منفعة لها لا قيمة تبادلية لها أيضاً مهما كان العمل المنفق الأمر الذي اعترف به ماركس دون أن يوضح سر الترابط بين المنفعة الاستعمالية والمنفعة التبادلة ولم يمكنه ذلك. ويجب أن نلاحظ أن درجة الرغبة ـ في أي سلعة ـ تتبع أهمية منفعتها من جهة كما أن درجة الرغبة تنخفض كلما أمكن الحصول على السلعة بشكل أسهل وذلك أثر كثرتها في حين ترتفع الرغبة كلما صعب الحصول على السلعة لندرتها. فقلة السلعة يؤثر على رفع الرغبة والقيمة بالتالي في حين تؤثر كثرتها العكس حتى يفقد الشيء أي قيمة تبادلية إذا أمكن الحصول عليه بلا جهد مطلقاً كالهواء. وهكذا نلاحظ فشلا ماركسياً آخر في تفسير جوهر القيمة الأمر الذي يهدُّ كل ما بنى عليه من نتائج.