ملاحظة هامة: إن هناك تناقضاً واضحاً بين المذهب الماركسي الذي يركز على الملكية الاشتراكية، والمذهب الرأسمالي المؤكد على الملكية الفردية وربما يظن أن الاختلاف ناشئ من أن الماركسية تركز على المجتمع وترفض النظرة الفردية الأنانية التي تؤكد عليها الرأسمالية، ولكن الواقع أن كليهما يركزان على نظرة فردية إذ الرأسمالية تؤكد على الفرد المحظوظ المالك وتشبع أنانيته بلا التفات لما ينتج عن ذلك من ظلم، والماركسية تثير ا لدوافع الفردية أيضاً لدى المحرومين وتجعلها القوم المحركة للتاريخ وتثير فيهم إحساسات الثورة ضد من يسرقون جهودهم. فكلاهما يؤكد على الدوافع ا لفردية وإن اختلفا في نوع الافراد، والمذهب الذي يقبل أن يسمى بالمذهب الجماعي ذلك هو الذي يعتمد على محركات أُخرى غير المحركات الأنانية والذاتية، ويثير الشعور بالمسؤولية لدى الفرد تجاه المجتمع على أساس من قيم يؤمن بها. فهو يحفظ حقوق الآخرين لا بإثارة دوافعهم الذاتية بل بإثارة الدوافع الجماعية في الجميع وهوما يفعله الإسلام. المذهب الرأسمالي ليس له أساس علمي عند بدء تشكل علم الاقتصاد كانت هناك فكرتان سائدتان تقول إحداهما: أن هناك قوى طبيعية تتحكم في الجانب الاقتصادي من حياة المجتمع مثلها مثل القوى الطبيعية المتحكمة في نواحي الكون، ويجب معرفة تلك القوى وقواعدها العامة. والثانية: أن تلك القوى الطبيعية تضمن السعادة البشرية إذا توفر لها الجو الحر، وتمتع المجتمع بحريات (التملك والاستغلال والاستهلاك). وقد وضعت الفكرة الأولى البذرة العلمية للاقتصاد الرأسمالي، والثانية بذرته المذهبية، وقد خيل للمفكرين يومئذ أن تقييد حرية الأفراد يعني الوقوف في وجه قوانين الطبيعة العادلة فهي إذن تفرض المذهب الرأسمالي. ولكن هذا تخيل سخيف إذ أن الخروج على القانون الطبيعي لا يعني ارتكاب جريمة بحقه بل يعني خطأ القانون نفسه لأن المفروض فيه أنه لا يتخلف في ظل ظروفه، نعم تتغير الظروف. وعليه فإن الحرية الرأسمالية ليست تفرضها قوانين طبيعية،