وإنّما الواقع أن يقال: إن قوانين الطبيعة تعمل على أي حال رغم اختلاف درجة الحرية الاجتماعية وإن أمكن أن يختلف تأثيرها باختلاف الظروف تماماً كما يختلف مفعول قوانين الفيزياء باختلاف الظروف. وعلى هذا: فيجب أن ندرس الحريات الرأسمالية لا بوصفها ضرورات تحتمها القوانين الطبيعية بل على أساس مدى ما تحققه للإنسان من سعادة وكرامة وهذا هو المنهج الذي اتبعه علماء الاقتصاد الرأسمالي بعد ذلك. وهنا نعرف الفرق بين الرابطة العلمية المذهبية بين الرأسمالية والماركسية فإن المذهب الماركسي يعتبر في رأي الماركسية ضرورة تحتمها قوانين (المادية التاريخية) ولذا يجب دراسة الأساس العلمي قبل الحكم على المذهب. أما الرأسـمالية المذهبـية فليست مبنـية على أساس ضرورة علميـة بل على أساس قيم وأفكار خلقية وعملية يجب أن نعتبرها المقياس في الحكم على الرأسمالية المذهبـية. ولهذا قمنا ـ بوصفنا نؤمن بمذهب يختلف عن كليهما ـ بدراسة (المادية التاريخية) تمهيداً للحكم على المذهب الماركسي، ولكننا نواجه ـ بالنسبة للرأسمالية ـ مذهباً يستمد أسسه من قيم خلقية وعملية معينة فلا نتحدث عن الجانب العلمي الرأسمالي إلاّ بمقدار يوضح عدم الترابط بين العلم والمذهب الرأسماليين، ثم نتعرض لدراسة المذهب وقيمه الخلقية والعلمية. وربما احتجنا للاستعانة ببعض البحوث العلمية لإعطاء صورة واقعية للمجتمع الرأسمالي لنقيس هذه الصورة بمقايسنا العلمية والخلقية. والخلاصة هي أن المذهب الرأسمالي لا يستمد مبرراته من القوانين العلمية في الاقتصاد.