ليس لها أي إطار خلقي، ولا ضرورة للأخلاق فيها. وربما يستدلون على ذلك: بأن الحرية الاقتصادية تفتح مجال (التنافس الحر) ولأجل أن يحقق صاحب المشروع مصلحته الخاصة فإنه يعمل على تحسين مشروعه لئلا يتغلب عليه غيره فهو يتلقف كل تحسين جديد وكل ما يقلل نفقات الإنتاج وذلك بشكل دائم وإلا تعرض مشروعه للإفلاس، وهكذا نجد التنافس الحر يحطم الضعيف ويبقي الأصلح ولاريب في كون هذا لمصلحة المجتمع ولا حاجة معه للتربية الخلقية والموعظة مادام التنافس، كما أنه لا حاجة لتلك المواعظ كي يساهم في البر والإحسان لأن مصلحته الخاصة هي التي ترفعه إليها باعتباره جزءاً من المجتمع. الادعاء الباطل: ولا نرانا بحاجة لمناقشة هذا الادعاء بعد كل فجائع الرأسمالية والتناقضات العميقة بين المصالح الفردية والاجتماعية والفراغ الروحي الخلقي الذي تضج منه. إن جنايات هذه الحرية الرأسمالية الرافضة للأخلاق تتجلى بوضوح في المجالات التالية. أولا: مجرى الحياة الاقتصادية: إذ شكلت الحرية سلاحاً بيد الأقوياء بعد أن كان الناس يختلفون في القدرات الفكرية والجسدية والفرص الطبيعية. وعليه فالقوي له الحق في كل شيء في حين يفقد الآخرون أي ضمان لوجودهم وكرامتهم حتى بلغ الأمر لأن يجعل الإنسان سلعة تخضع للعرض والطلب والقانون الحديدي للأجور إذ لو زاد ا لعمال يغتنم الرأسمالي الفرصة ليهبط بالأجور مما قد يميت الكثيرين جوعاً وهو حر في ذلك أما أمل العمال فهو كامن في موت بعضهم ليقل عددهم فيتساوى العرض والطلب، وترتفع الأجور وتتحسن الحال!! ولقد اعترف الرأسماليون أخيراً بعدم التوافق بين المصالح وراحوا يحددون الحرية بالقيم والضمانات. ثانياً: المحتوى الروحي للأمة: حيث تذوب مشاعر الإحسان وتطغى الأنانية ويسود الصراع للبقاء بدلا من التعاون والتضحية. ولنفرض أن المصلحة الخاصة قد تدفع لخدمة المجتمع فتحقق الهدف الموضوعي من الأخلاق ولكن الهدف الذاتي منها والذي يصنع من الإنسان إنساناً في مشاعره ودوافعه ليشعر بالهدوء النفسي المنشود هذا الهدف لن يتحقق بذلك.