ثالثاً: علاقة المجتمع الرأسمالي بغيره من المجتمعات التي تختلف مصالحها عن مصلحته فيستعبدها لتحقيق مصلحته. وهذا ما يكشفه لنا الواقع الرأسمالي المر نتيجة لفراغه الخلقي. نعم إن الحرية الاقتصادية بدون أي تحديد معنوي سلاح مدمر للإنسان فهو من عوامل الاستعمار المريرة وتاريخ أفريقيا شاهد على ذلك; فقد استوردت بريطانيا وفرنسا وهولندا وغيرها الإفريقيين وباعتهم في سوق الرقيق بعد أن أحرقت قراهم، واستمر هذا إلى القرن التاسع عشر وحيث استنكر الانجليز تجارة الرقيق وأرسلوا سفناً لمراقبتها ولكنها مهدت بذلك للاستعباد تحت شعار (الاستعمار) و(رسالة الرجل الأبيض)!! ب ـ الحرية سبب لتنمية الإنتاج: وهذه الفكرة تخطئ في فهم نتائج الحرية الرأسمالية، وتقدير قيمة الإنتاج. إذ إن مشاريع الإنتاج ليست متكافئة عند الدخول في ميدان التنافس بل هي مختلفة ولذلك فإن التنافس الحر يؤدي لقضاء المشاريع الكبيرة على المشاريع الصغيرة ومن ثم الاحتكار بلا أي منافس. هذا هو الخطأ في فهم نتائج الحرية الرأسمالية. أما الخطأ في تقدير قيمة الإنتاج فهو المهم إذ لنفترض أن الحرية الرأسمالية تؤدي لنمو الإنتاج بأقل التكاليف، ولكن هل هذا يوفر سعادة المجتمع دائماً؟ إن الرفاه العام لا يتعلق بكمية الناتج العام بقدر ما يتعلق بكيفية توزيعه على الأفراد، والرأسمالية أعجز عن ضمان التوزيع الصحيح لأنها تعتمد فيه على جهاز الثمن ومن لا يملكه لا يستحق الحياة لأنه لم يساهم في الإنتاج أو لعدم تهيؤ فرصة للمساهمة أو لوقوعه فريسة بيد المنافسين الأقوياء ولذا كانت البطالة من أكبر الفجائع الرأسمالية إذ يظل العامل في نار البؤس والجوع. وهذا هو الجانب المظلم من الحرية الرأسمالية. جـ ـ الحرية تعبير أصيل عن الكرامة الإنسانية: ولنوضح الواقع في هذه الفكرة: الحرية الطبيعية والحرية الاجتماعية: الحرية الطبيعية هي الحرية التي تمنحها الطبيعة، والاجتماعية هي التي يمنحها المجتمع فلابد من التمييز بينهما إذ الأولى عنصر جوهري في كيان الإنسان وتتمتع الكائنات الحية منها بمقدار