حيويتها. فالحجر مثلا تفرض عليه الطبيعة سلوكاً محدداً وفقاً لقوانينها وليس له أن يتفادى الصدمة مثلا وليست له حرية طبيعية، أما الكائن الحي فيمكنه أن يكيف نفسه باختلاف الظروف فيختار من الحالات ما يلائم الظرف فإذا بدأنا بالنبات وجدنا نطاقاً أوسع من الحرية النباتية. وتبلغ الحرية الطبيعية ذروتها في الإنسان فإذا كانت الميول الغريزية في الحيوان هي المجال الذي يعمل فيه حريته فإن الإنسان يمكنه أن يقهر تلك الميول أو يحددها. فالحرية هي إحدى مقومات الإنسانية بلا ريب. والواضح أنها بهذا المعنى تخرج عن نطاق البحث المذهبي لأنها منحة الله للإنسان لا منحة مذهب معين. أما الحرية التي تشكل قاعدة الرأسمالية فهي الحرية الاجتماعية التي يجب أن ندرس مدى كفاءتها لبناء مجتمع سعيد ولا نخلط بينهما فنقول: إن الحرية الرأسمالية هي مفهوم جوهري للإنسان. الحرية الاجتماعية: جوهرية وظاهرية: أما الحرية الاجتماعية الجوهرية: فهي القدرة التي يوفرها المجتمع للفرد للقيام بفعل معين عبر توفير كل الوسائل اللازمة. فمثلا لو كفل المجتمع تملك ثمن السلعة ووفرها في السوق ومنع أي حق احتكاري فيها. فالفرد حر جوهرياً وإلا فلا. وأما الظاهرية: فهي لا تتطلب ذلك بل قد يكون الفعل مستحيلا للفرد كشراء السلعة بالنسبة لمن لا يمكن ثمنها ولكنه يعتبر حراً لأن المجتمع مبدئياً يسمح له بالشراء ـ ضمن قدرته ومدى تنافسه ـ فمثلا كل فرد حر في شراء قلم كما هو حر في شراء شركة رأسمالية وذلك بإتباع مختلف الطرق. ولا تتنافى هذه الحرية مع عدم وجود أي فرصة لتحقيق الشراء فلكل إنسان أن يمتحن مواهبه وينشط للوصل إلى هدفه ولكن المجتمع لا يضمن له ذلك لأن الضمان وهو معنى الحرية الجوهرية لا يوجد في الحرية الشكلية. فالحرية الشكلية تقوم بإثارة القوى والطاقات لدى القادرين ولكنها لا تقدم الضمان، فتبقى مجرد حرية اسمية للأفراد الفاشلين وغير القادرين. الرأسمالية تتبين الحرية الشكلية الظاهرية: تبنت الرأسمالية الحرية الشكلية بالسماح لمختلف ألوان النشاط الاقتصادي ولكنها لم تعن بالحرية الجوهرية وذلك لأمرين: الأول: عدم قدرة المذهب الاجتماعي ـ أياً كان ـ على توفيرها وضمان وصول الجميع لكل