بين الافراد وحقوقهم الشخصية والعينية ولأجل ذلك يكون (من الخطأ ان يقدم الباحث الإسلامي مجموعة من احكام الإسلام ـ التي هي في مستوى القانون المدني حسب مفهومه اليوم ـ ويعرضها طبقاً للنصوص التشريعية والفقهية ـ بوصفها مذهباً اقتصادياً إسلامياً، كما يصنع بعض الكتاب المسلمين، ولكن تشد الاثنين روابط قوية باعتبارهما مندمجين في مركب عضوي نظري واحد)([2]) وعليه يكون القانون بناءً علوياً للمذهب. 3ـ أكّد على ان العملية التي يقوم بها الباحث الإسلامي ليست عملية ايجادية تكوينية لمذهب ما كما هو حال المنظر الوضعي وإنّما هي عملية اكتشاف لمذهب. ذلك انه أمام اقتصاد منجز(تم وضعه وهو مدعو لتمييزه بوجهه الحقيقي وتحديده بهيكله العام)، ومن هنا اختلفت خصائص العمليتين. فالمكون ينطلق أولا من معرفة الواقع القائم لوضع النظريات العامة للمذهب لتقوم عليها الأبنية العلوية من القوانين التفصيلية، اما المكتشف فهو يبدأ بعملية النزول من الطوابق العلوية لاكتشاف أعماقها النظرية، وقد يمكن للمكتشف لا ان يعثر على الخطوط النظرية من النصوص فحسب بل حتى على الواقع العلمي الذي قامت عليه النظرية المذهبية (من قبيل اكتشاف موقف الإسلام من نظرية (مالتوس) العلمية). 4ـ أكّد انه لكي يتم اكتشاف المذهب لا يجدينا عرض مفردات الاحكام التفصيلية بل يتحتم علينا ان ندرس كل فرد باعتباره جزءاً من كل، وجانباً من صيغة عامة مترابطة لننتهي إلى اكتشاف القاعدة العامة التي تشع من خلال الكل([3]). 5ـ وكما تساهم الأحكام في عملية الاكتشاف فان المفاهيم تشترك أيضاً في ذلك ونقصد بالمفهوم: كل تصور إسلامي يفسر واقعاً كونياً أو اجتماعياً أو تشريعياً. فالاعتقاد بصلة الكون بالله تعالى هو مفهوم معين عن الكون. والاعتقاد بان المجموع البشري مرّ بمرحلة الفطرة قبل الوصول إلى مرحلة العقل هو مفهوم إسلامي عن التاريخ والمجتمع.