بالأرض نتيجة جهوده المدخرة فيها. ففكرة الاختصاص تعكس أمرين: الأول: الارتباط بين المُزارع وعمله المنفصل المجسَّد في الأرض. الثاني: الاستقرار وتقسيم الأرض على أساس الكفاءة. فالحقوق الخاصة نشأت نتيجة العمل ـ كما نظن ـ ثم اتخذت شكل الملكيّة. مع خصوم ملكيّة الأرض وهم يتّهمون الملكيّة تارةً اتهاماً تاريخيّاً وأخرى يدينونها كفكرة معارضة للعدالة. أمّا الاتهام التاريخي فيتلخّص بأنّها وليدة القوّة والعنف والاغتصاب فيجب شجبها، ونحن لا ننكر دور النهب والعنف ولكن ذلك لا يبرّر نفي الملكيّة، إذ يجب ـ لكي يتحقّق الاغتصاب ـ أن يكون هناك من يغتصب منه، ثم هذا القوي المغتصب لابد وأن يكون قد عمل في أرض واتسعت إمكاناته بالتدريج فهناك قبل القوّة حق قائم على العمل. وهناك قبل القوّة والغصب نظام توزيعي بسيط قائم على أساس الحقوق الخاصة. فالإحياء إذن في أكبر الظن هو السبب الأول الوحيد لحق الفرد في الأرض، والأسباب الأُخرى عوامل ثانوية سيطرت على الموقف حتى امتلأ التاريخ بالاحتكار والظلم. وجاء الإسلام فأعاد للإحياء دوره الطبيعي، وشجب الأسباب الأُخرى. أمّا إدانة نفس الملكيّة من قبل البعض ـ كالاشتراكية الزراعيّة ـ باعتبار أنّ الأرض ثروة إلهيّة لا يجوز أن يستأثر بها أحد دون الآخرين، فإنه لا يتناول الصورة الإسلامية الأنفة حيث هي ملك للإمام يُنتج إحياؤها حقاً خاصّاً للأفراد، ومن الظلم أن يتساوى هو وغيره فيها. فالإسلام يمنح العامل حقّه المتميّز ويسمح نظريّاً بفرض الضريبة عليه، وعندما يزول أثر العلم تنقطع صلة الأرض بالفرد. العنصر السياسي في ملكيّة الأرض وقد اعترف به الإسلام إلى جانب الإحياء، وهو العمل الذي يتم بموجبه ضم الأرض إلى حوزة الإسلام لتساهم أيضاً في توفير الإمكانات الماديّة للأُمة.