وإذا فقدت هذه الخطوط حجيتها فقدت معذريتها ومنجزيتها وصحة انتسابها إلى الإسلام فكيف يمكن ان نطلق عليها صفة (النظرية الإسلامية)؟! والجواب على هذا الإشكال: يتلخص فيما يلي: نحن نؤمن أيضاً بأن الأُصول العملية لا تثبت لوازمها، كما نؤمن ان دليل الحجية لا يثبت لوازم الجمع بين الامارتين، ونؤمن أيضاً بان الشك في الحجية كاف للقطع بعدمها ولكننا نقول اننا في مورد النظريات لا نحتاج إلى عنصر الحجية المطلوب بكل دقة في مجال الاحكام العملية الفرعية وإنّما يكفي فيها صحة الانتساب إلى الإسلام وهذا ما نختلف فيه مع صاحب الاشكال وهذا بالضبط ما ركّز عليه الإمام الشهيد حينما صرح بما يلي: (ولأجل ذلك كان من الممكن لمفكرين إسلاميين مختلفين ان يقدموا صوراً مختلفة للمذهب الاقتصادي تبعاً لاختلاف اجتهاداتهم، وتعتبر كل تلك الصور صوراً إسلامية للمذهب الاقتصادي) وكأنه يريد التأكيد على أمور: الأول: ان كل الناتج عن عملية الاجتهاد (مادام قد تم بسماح إسلامي) فهو شرعي وهو إسلامي. الثاني: ان المجموع الإسلامي موزّع هنا وهناك بنسب متفاوتة. الثالث: ان اقل ما يقال عن الصورة المستنبطة من مجموعة من الاحكام المنسجمة انها صورة من الممكن ان تكون صادقة كل الصدق في تصوير واقع التشريع الإسلامي وليس امكان صدقها ابعد من امكان صدق أي صورة أُخرى من الصور الكثيرة التي يزخر بها الصعيد الفقهي الاجتهادي، وهي بعد ذلك تحمل مبرراتها الشرعية لأنها تعبر عن اجتهادات إسلامية مشروعة تدور كلها في فلك الكتاب والسنة. والحاصل: ان هذا المقدار من الاتصال بالواقع الإسلامي يحقق لنا انتساباً عرفياً مقبولا إلى الإسلام، ولا يمكننا والحال هذه ان ننفي هذه النسبة عنها بعد ان كان احتمال تعبيرها عن الواقع الإسلامي بمستوى احتمال أية صورة أُخرى عنه. ثم اننا إذا ضممنا إلى هذه النتيجة ما ذكره الشهيد الصدر (قدس سره) نفسه من ان هذه الوسيلة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكننا من خلالها الوصول إلى المبادئ العامة للإسلام وهي ما نحتاجه