وجهة نظر الإسلام في مجال آخر إن شاء الله تعالى. ما هي الماديّة التاريخيّة؟ تعتقد الماركسيّة أنّ الوضع الاقتصادي للمجتمع هو الذي يحدّد أوضاعه الإجتماعية والسياسيّة والدينيّة، والفكريّة وما إليها من ظواهر الوجود الاجتماعي والأحداث العامة في المجتمع، ولكن سبب تطوّر الوضع الاقتصادي هو وضع القوى المنتجة ووسائل الإنتاج. والمقصود من وسائل الإنتاج هو الأدوات التي يستخدمها الناس في إنتاج حاجاتهم الماديّة وقد تطوّرت الوسيلة فاستعملت اليد ثم اكتشفت الأداة فاستعمل الحجر وبعد مدّة طويلة وضع للحجر مقبض فبينما كان الإنتاج يعتمد على اليد أصبح يعتمد على الأدوات المنفصلة عن اليد وهكذا تطوّرت إلى الفأس والحربة والسكين الحجري ثم جاء القوس والسهم وهكذا تطوّرت ببطء وخلال آلاف من السنين حتى أصبح البخار والكهرباء والذرة هي الطاقات التي يعتمد عليها الإنتاج الحديث. أمّا كيف تنشأ عن تطوّر وسائل الإنتاج الحركة التاريخية، فإنّ الماركسيّة تجيب بأنّ هناك لكل درجة من تطوّر وسائل الإنتاج إنتاجاً خاصاً متلائماً معها. فالإنتاج المعتمد على الأدوات الحجريّة يختلف عن الإنتاج القائم على أساس السهم والقوس. ولمّا كان الناس في نضالهم مع الطبيعة غير منفردين بل ينتجون في جماعات فلابد أن تقوم بينهم علاقات معيّنة باعتبارهم مجموعة مترابطة خلال عمليّة الإنتاج وهذه العلاقات هي «علاقات الملكيّة وهي التي تحدّد الوضع الاقتصادي وشكل الملكيّة المشاعة أو العبودية أو الإقطاعيّة أو الرأسماليّة أو الاشتراكية»([11]) وهي التي تكون أساساً للبناء العلوي في المجتمع بما يحويه من علاقات سياسيّة وحقوقيّة، وظواهر فكريّة ودينيّة. وعلاقات الإنتاج هذه تنشأ بصورة ضروريّة وفقاً لنوعيّة الإنتاج فلكل درجة من نمو القوى المنتجة نوع من الإنتاج يستلزم (علاقات ملكيّة) خاصة به، وهذه العلاقات هي التي تحدّد نوعيّة العلاقات الاجتماعية الأُخرى.