ومن هنا، تنبّه المفكرون الإسلاميون إلى ضرورة تقديم أطروحات تعمل على التزام أحكام الإسلام في الوقت الذي تقوم فيه بالأدوار الايجابية نفسها التي يقوم بها النظام المصرفي في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وكانت أطروحة المرحوم الشهيد الكبير آية الله الصدر أطروحة رائدة في هذا المجال، وقد كتبها جواباً على طلب تقدمت به الحكومة الكويتية في أوائل الستينات الميلادية، فكانت أطروحته بحق أدق أطروحة وأشدّها وعياً للمشاكل، كما كانت ملحقاته العلمية فاتحة بحث علمي فقهي رائع في مجالات لم يكن الفقهاء ليبحثوا فيها كثيراً، إمّا ليأسهم من عودة الحياة كلها إلى الإسلام وإما لعدم وجدانهم الداعي الفعلي لها. ولئن ألف غيره من المفكرين في ذلك المجال، فإنه إمّا كان عيالا عليه وإما أنه لم يأت بمثل الإبداع الذي جاء به. وعلى أي حال، فقد كان السيد الشهيد يخطط لقيام مجتمع إسلامي ونشر وعي اجتماعي إسلامي، في وقت لم يكن يحلم فيه الكثيرون بذلك. ولم تكن هذه الفكرة تمتلك بُعداً من التصديق إلاّ عند القلة من المخلصين والمؤمنين بعد الإسلام. وقد شاء الله تعالى أن يحقق للشهيد السعيد حلمه الكبير على يد قائد الأُمة الإسلامية وزعيمها الإمام الخميني الذي قاد شعبه المسلم ضد أعتى الطغاة، وقام حكم إسلامي شامل على أرض إيران، بل وانتشرت الصحوة الإسلامية في شتى أنحاء العالم الإسلامي، وراح الشوق يعم جميع الشعوب الإسلامية لغد إسلامي أمثل يحكم فيه القرآن على كل شؤون الحياة، وراح الطلب يزداد على المفكرين والعلماء ليقدموا للجماهير أطروحة الحياة الإسلامية العامة والحلول التي يقدمها الإسلام للمشاكل الكبرى ومنها المشكلة الاقتصادية. كما ان مسيرة البناء الإسلامية كانت تتطلب الوصول إلى مثل هذه الأطروحة، وكانت مشكلة المصارف وتحويلها إلى مصارف إسلامية على رأس القائمة من المشاكل. الأمر الذي دعا المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأن يشمّروا عن ساعد الجد ويكونوا لجاناً علمية متخصصة، أدت أعمالها بالتالي إلى ما سمي بقانون: العمليات المصرفية اللاربوية بعد أن وافق عليه مجلس الشورى الإسلامي بتاريخ 20/آب 1983 م وأيده مجلس حفاظ الدستور فأصبح قانوناً رسمياً ونفّذت خطوات واسعة