في البين. ولأجل البرهنة على ذلك فقد أكدت الماركسية على أن الأفكار ناتجة من ظاهرة اجتماعية مقدمة هي اللغة. قال ستالين: يقال أن الأفكار تأتي في روح الإنسان، قبل أن تعبر عن نفسها في الحديث (أي أنه يمكن أن تكون هناك في الذهن أفكار أصيلة قبل اللغة) وإنها تولد دون أدوات اللغة، أي دون إطار اللغة. أو بعبارة أُخرى تولد عارية، إلاّ أن هذا خطأ تماماً فمهما كانت الأفكار التي تأتي في روح الإنسان فلا يمكن أن تولد وتوجد إلاّ على أساس أدوات اللغة، أي على أساس الألفاظ والجمل اللغوية. فليس هناك أفكار عارية متحررة من أدوات أو متحررة من المادة الطبيعية التي هي اللغة. فاللغة هي الواقع المباشر للفكر، ولا يمكن أن يتحدث عن فكر بدون لغة إلاّ المثاليون وحدهم([22]). ويحاول «بولتزير» أن يبرهن على ذلك ببعض الاكتشافات النفسية فيقول معلقاً على كلام ستالين هذا ولقد لاقت مبادئ المادية الجدلية (الديالكتيكية) تدعيماً باهراً (تأييداً واضحاً) في العلوم الطبيعية بفضل الأبحاث الفسيولوجية (الأبحاث التي تدور حول وظائف الأعضاء) التي قام بها العالم العظيم (بافلوف)، فقد اكتشف بافلوف أن العمليات الأساسية في النشاط المخي (التفكير) هي الأفعال المنعكسة الشرطية التي تكون في ظروف محدودة والتي تطلقها (وتوجدها) الإحساسات سواء الخارجية أو الداخلية. وأثبت بافلوف أن هذه الإحساسات تقوم بدور (ووظيفة) الإشارات الموجهة (والمحركات) لكل نشاط الكائن العضوي الحي. وقد اكتشف من ناحية أُخرى: إن الكلمات ـ بمضمونها ومعناها ـ يمكن أن تحل محل الإحساسات ـ التي تحدثها الأشياء ـ التي تدل عليها. وهكذا تكون الكلمات إشارات الإشارات، أي نظاماً ثانياً في العملية الإشارية، يتكون على أساس النظام الأول (نظام تأثير الإحساسات في النشاط المخي) ويكون خاصاً بالإنسان. وهكذا تعتبر اللغة هي شرط النشاط الراقي (التفكير) في الإنسان وشرط نشاطه الاجتماعي،