منها في أي بلد أوروبي آخر. فالبروتستانتية نشأت في بلاد إقطاعية وإن كانت البرجوازية قد استفادت منها. والأهم من هذا أن ننظر إلى تاريخ الإسلام: الدين العالمي الآخر فننظر هل ينطبق عليه التفسير الماركسي لتطور الدين؟ لقد نشأ الإسلام في جزيرة العرب، ولم تكن فيها دولة عالية بل ولا دولة قومية تضم الشعب العربي، بل كان العرب قبائل متفرقة لكل منها إلهها الخاص تصنعه من الحجر أو التمر، وتعبده. فكيف نفسر نشوء الدين العالمي الخالد في مجتمع كهذا؟! وإذا كان الإله العالمي هو الصورة المتطورة للآلهة القومية، فكيف ارتقت العرب من آلهة القبيلة التي يصنعونها بأيديهم إلى إله عالمي مجرد له كل صفات الكمال والجلال؟! وهكذا نجد بعد هذه الملاحظة أن الماركسية قد فشلت في تفسيرها الاقتصادي لنشوء أهم جانب فكري وهو الدين وتطوره، فقد أثبت التاريخ عكس ما تقول وبطلانه بعد أن أثبتت الفلسفة تناقض الرأي الماركسي وطفوليته. وسنحاول في الفصول القادمة ملاحظة فشل الماركسية في تفسيرها للجوانب الفكرية الأُخرى عند الإنسان لنؤكد للقراء الكرام أن فشل الماركسية في تفسير تطور الفكر لا يقل عن فشلها في تفسير تطور وسائل الإنتاج ـ كما تحدثنا عنه ـ .