تشكل الزراعة البسيطة، والصناعة اليدوية الشكلين الرئيسين للإنتاج، ولكنا نشاهد الاختلاف الكبير بين المجتمع الإسلامي في الأندلس والمجتمع الأوروبي في العصور الوسطى ـ مثلا ـ. فلماذا تم هذا الاختلاف العلمي؟ ولماذا اخترعت الصين القديمة الطباعة دون غيرها واكتسبها المسلمون في القرن الثالث عشر؟ ان هذا دليل واضع على عدم وجود هذه التبعية المحتمة. الملاحظة الثانية: ليست الحاجة هي التفسير الوحيد لتطور العلم: ان الكثير من الحاجات الماسة للإنسان لم تستطع أن تجد من يشبعها من العلماء حتى بلغ الفكر المستوى المطلوب فمثلا احتاج الإنسان للنظارات منذ أقدم العصور ولم يظفر بما يشبع حاجته إلاّ بعد أن أخذت أوروبا عن المسلمين معلوماتهم عن انعكاس الضوء وانكساره وتمكنت من صنع النظارات. وقد احتاجت أوروبا لما يحقق لها توجيه السفن منذ القرون الأولى ولم تكتشف الإبرة المغناطيسية إلاّ في القرن الثالث عشر بينما تؤكد بعض الروايات التاريخية أن الصين قد ظفرت بهذا الكشف قبل عشرين قرناً تقريباً. وفي قبال ذلك نجد أن العلم اكتشف القوة البخارية في القرن الثالث الميلادي([44]) أي قبل بدء الرأسمالية بأكثر من عشرة قرون رغم أن الماركسية تؤكد أن القوة المحركة للبخار هي من حاجات المجتمع الرأسمالي. الملاحظة الثالثة: الخلط بين العلوم الطبيعية النظرية والفنون العملية: فإن الفنون العملية الصناعية التي أوجدتها التجارب كانت تسخر لحساب القوى المنتجة ولما تثيره من مشاكل في حين لم تكن العلوم النظرية التجريبية كذلك فكانا يشكلان خطين منفصلين منذ القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر حيث استفادت الفنون العملية من العلم حين بدأت صناعة الكهرباء سنة (1870). والثورة العلمية التي قام بها (لافوازيه) في الكيمياء لم يقبلها الناس عامة إلاّ في نهاية القرن