ذهبوا إليها بل لم تأخذ منها إلاّ ما يتفق مع نظريتها متهمة الباقي بالتزوير، فحكمت النظرية في تقييم المعلومات بدلا من تحكيم المعلومات في النظرية يقول أحد الماركسيين الكبار: «وبالقدر الذي نستطيع أن نتوغل في الماضي نجد أن الإنسان كان يعيش في مجتمعات، ومما يسهل دراسة المجتمعات البدائية القديمة، إنه ما زالت تسود ظروف اجتماعية بدائية ـ حتى عصرنا هذا ـ بين كثير من الشعوب، كما هو الحال بالنسبة لبعض السكان الملوّنين، في أفريقيا وبولونيزيا ومالنيزيا واستراليا، وهنود أمريكا قبل اكتشافها، والاسكيمو واللاجون... الخ. وأغلب المعلومات الكثيرة التي وصلتنا من هذه المجتمعات البدائية، قدمها رجال البعثات التبشيرية الذين حرفوا الحقائق عن قصد أو غير قصد»([48]). ثم كيف يمكن التأكد من أن هذه المجتمعات الحاضرة تمثل تماماً المجتمعات القديمة؟ ولا تملك الماركسية دليلا على بدائيتها بالمعنى العلمي للبدائية بل أن قوانين التطور الحتمي التي تؤمن بها الماركسية تقضي بأن تكون هذه المجتمعات قد تطورت حتماً. فإذا لم تؤمن بتطورها وجب أن تؤمن بالجمود الاجتماعي خلال آلاف السنين. تفسير العلاقات الشيوعية: وتفسّرها الماركسية على أساس ظروف الإنتاج الضئيل ذلك أن الناس كانوا مضطرين للإنتاج بشكل مشترك لضغطهم أمام الطبيعة والاشتراك في الإنتاج يحتم الملكية الاشتراكية ولا يسمح بالملكية الخاصة ويقوم التوزيع على أساس المساواة لأن الإنتاج ضئيل ولا يمكن التفاوت فيه لأن حصول أحد الأفراد على نصيب يزيد على الآخرين يعني أن يموت الآخر جوعاً([49]). وقد تحدّث الرحالة (مورجان) عن وجود هذه الحالة في قبائل بدائية في أمريكا الشمالية. والغريب أن الماركسية عندما تتحدث عن أخلاق المجتمع الشيوعي تنقل عن (جيمس آديررز) الذي درس هنود أمريكا في القرن الماضي، إنها كانت تعتبر عدم تقديم المعونة لمن يحتاجها جريمة كبرى، وتنقل عن الباحث (كاتلين) إن كل فرد هندي كان له الحق في الدخول