باب ذكر الدليل على أن السعي الذي ذكرت أنه واجب بين الصفا و المروة و سعيا كان أو مشيا بسكينة و تؤده و الدليل على أن السعي الذي هو سرعة المشي في الوادي بين الصفا و المروة ليس بواجب وجوبا يحرج تاركه و أن المشي بينهما جائز و هذا من الجنس الذي كنت أعلمت أن اسم السعي قد يقع على المشي على السكينة و التؤدة و يقع على سرعة المشي و استدللت في ذلك الموضع بقول الله عز و جل { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } فبين النبي A المولى بيان ما أنزل الله عز و جل من الوحي أن هذا السعي الذي أمر الله به في هذه الآية هو المضي و المشي إلى الجمعة على السكينة و الوقار بقوله : إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة و الوقار فلو كان الله جلا و علا أمر بسرعة المشي إلى الجمعة في هذه الآية لما قال المصطفى A إذا أتيتم الصلاة فآتوها تمشون و لا تأتوها تمشون و لا تأتوها تسعون و كنت اعلمت في ذلك الموضوع أن جائز أن يقع اسم الواحد على فعلين أحدهما منهي عنه و الآخر مأمور به إذ اسم السعي قد يقع على المشي على السكينة و الوقار و على سرعة المشي الذي هو هرولة فأمر الله جل و علا بالسعي إلى الجمعة و زجر النبي A عن السعي إلى الصلاة فالسعي الذي أمر الله في هذه الآية المشي الذي هو ضد الهرولة و السعي الذي زجر الله عنه إتيان الصلاة هو سرعة المشي الذي هو شبه الهرولة أو الهرولة