يوسف الآية 44 45 لتشريفهم وتفخيم أمر رؤياه .
إن كنتم للرؤيا تعبرون أي تعلمون عبارة جنس الرؤيا علما مستمرا وهي الإنتقال من الصور الخيالية المشاهدة في المنام إلى ما هي صور وأمثله لها من الأمور الآفاقية أو الأنفسية الواقعة في الخارج من العبور وهو المجاوزة تقول عبرت النهر إذا قطعته وجاوزته ونحوه أولتها أي ذكرت مآلها وعبرت الرؤيا عبارة أثبت من عبرتها تعبيرا والجمع بين الماضي والمستقبل للدلالة على الإستمرار كما أشير إليه واللام للبيان أو لتقوية العامل المؤخر لرعاية الفواصل أو لتضمين تعبرون معنى فعل متعد باللام كأنه قيل إن كنتم تنتدبون لعبارتها ويجوز أن يكون للرؤيا خبر كان كما يقال فلان لهذا الأمر إذا كان مستقلا به متمكنا منه وتعبرون خبر آخر .
قالوا استئناف مبني على السؤال كأنه قيل فماذا قال الملأ للملك فقيل قالوا هي .
أضغاث أحلام أي تخاليطها جمع ضغث وهو في الأصل ما جمع من أخلاط النبات وحزم ثم استعير لما تجمعه القوة المتخيلة من أحاديث النفس ووساوس الشيطان وتريها في المنام والأحلام جمع حلم وهي الرؤيا الكاذبة التي لا حقيقة لها والإضافة بمعنى من أي هي أضغاث من أحلام أخرجوها من جنس الرؤيا التي لها عاقبة تؤول إليها ويعتنى بأمرها وجمعوها وهي رؤيا واحدة مبالغة في وصفها بالبطلان كما في قولهم فلان يركب الخيل ويلبس العمائم لمن لا يملك إلا فرسا واحدا وعمامة فردة أو لتضمنها أشياء مختلفة من البقرات السبع السمان والسبع العجاف والسنابل السبع الخضر والأخر اليابسات فتأمل حسن موضع الأضغاث مع السنابل فلله در شأن التنزيل .
وما نحن بتأويل الأحلام أي المنامات الباطلة التي لا أصل لها .
بعالمين لا لأن لها تأويلا ولكن لا نعلمه بل لأنه لا تأويل لها وإنما التأويل للمنامات الصادقة يجوز أن يكون ذلك اعترافا منهم بقصور علمهم وأنهم ليسوا بنحارير في تأويل الأحلام مع أن لها تأويلا كما يشعر به عدو لهم عما وقع في كلام الملك من العبارة المعربة عن مجرد الإنتقال من الدال إلى المدلول حيث لم يقولوا بتعبير الأحلام أو عبارتها إلى التأويل المنبىء عن التصرف والتكلف في ذلك لما بين الآثل والمآل من البعد ويؤيده قوله D أنا أنبئكم بتأويله .
وقال الذي نجا منهما أي من صاحبي يوسف وهو الشرابي .
وادكر بغير المعجمة وهو الفصيح وعن الحسن بالمعجمة أي تذكر يوسف عليه السلام وشئونه التي شاهدها ووصيته بتقريب رؤيا الملك وإشكال تأويلها على الملأ .
بعد أمة أي مدة طويلة وقرىء أمة بالكسر وهي النعمة أي بعد ما أنعم عليه بالنجاة وأمه أي نسيان والجملة حال من الموصول أو من ضميره في الصلة وقيل معطوفة على نجا وليس بذاك لأن حق كل من الصفة والصلة أن تكون معلومة الإنتساب إلى الموصوف والموصول عند المخاطب كما عند المتكلم ولذلك قيل إن الصفات قبل العلم بها أخبار والأخبار بعد العلم بها صفات وأنت تدري أن تذكره بعد أمة إنما علم بهذه الجملة فلا مجال لنظمه مع نجاته المعلومة قبل في سلك الصلة .
أنا أنبئكم بتأويله أي أخبركم