أحيى بقراءته عليها كما أحييت لعيسى عليه السلام لكان ذلك هذا القرآن لكونه الغاية القصوى في الإنطواء على عجائب آثار قدرة الله تعالى وهيبته D كقوله تعالى لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله لا في الإعجاز إذ لا مدخل له في هذه الآثار ولا في التذكير والإنذار والتخويف لاختصاصها بالعقلاء مع أنه لا علاقة لها بتكليم الموتى واعتبار فيض العقول إليها مخل بالمبالغة المقصودة وتقديم المجرور في المواضع الثلاثة على المرفوع لما مر غير مرة من قصد الإبهام ثم التفسير لزيادة التقرير لأن بتقديم ما حقه التأخير تبقى النفس مستشرفة ومترقبة إلى المؤخر أنه ماذا فيتمكن عند وروده عليها فضل تمكن وكلمة أو في الموضعين لمنع الخلو لا لمنع الجمع واقتراحهم وإن كان متعلقا بمجرد ظهور مثل هذه الأفاعيل العجيبة على يده عليه السلام لا بظهورها بواسطة القرآن لكن ذلك حيث كان مبنيا على عدم اشتماله في زعمهم على الخوارق نيط ظهورها به مبالغة في بيان اشتماله عليها وأنه حقيق بأن يكون مصدرا لكل خارق وإبانة لركاكة رأيهم في شأنه الرفيع كأنه قيل لو أن ظهور أمثال ما اقترحوه من مقتضيات الحكمة لكان مظهرها هذا القرآن الذي لم يعدوه آية وفيه من تفخيم شأنه العزيز ووصفهم بركاكة العقل مالا يخفى بل لله الأمر جميعا أي له الأمر الذي عليه يدور فلك الأكوان وجودا وعدما يفعل ما يشاء وبحكم ما يريد لما يدعو إليه من الحكم البالغة وهو إضراب عما تضمنه الشرطية من معنى النفي لا بحسب منطوقة بل باعتبار موجبة ومؤداه أي لو أن قرآنا فعل به ما ذكر لكان ذلك هذا القرآن ولكن لم يفعل بل فعل ما عليه الشأن الآن لأن الأمر كله له وحده فالإضراب ليس بمتوجه إلى كون الأمر لله سبحانه بل إلى ما يؤدى إليه ذلك من كون الشأن على ما كان لما تقتضيه الحكمة من بناء التكليف على الإختبار أفلم ييأس الذين آمنوا أي افلم يعلموا على لغة هوازن أو قوم من النخع أو على إستعمال اليأس في معنى العلم لتضمنه له ويؤيده قراءة علي وابن عباس وجماعة من الصحابة والتابعين Bهم أفلم يتبين بطريق التفسير والفاء للعطف على مقدر أي أغفلوا عن كون الأمر جميعا لله تعالى فلم يعلموا أن لو يشاء الله على حذف ضمير الشأن وتخفيف أن لهدى الناس جميعا بإظهار أمثال تلك الآثار العظيمة فالإنكار متوجه إلى المعطوفين جميعا أو اعلموا كون الأمر جميعا لله فلم يعلموا ما يوجبه ذلك العلم مما ذكر فهو متوجه إلى ترتب المعطوف على المعطوف عليه أي تخلف العلم الثاني عن العلم الأول وعلى التقديرين فالإنكار إنكار الوقوع كما في قوله تعالى ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا إنكار الواقع كما في قولك ألم تخف الله حتى عصيته ثم إن مناط الإنكار ليس عدم علمهم بمضمون الشرطية فقط بل مع عدم علمهم بعدم تحقق مقدمها كأنه قيل الم يعلموا أن الله تعالى لو شاء هدايتهم لهداهم وأنه لم يشأها وذلك لأنهم كانوا يودون أن يظهر ما اقترحوا من الآيات ليجتمعوا على الإيمان وعلى الثاني لو أن قرآنا فعل به ما فصل من التعاجيب لما آمنوا به كقوله تعالى ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى الآية فالإضراب حينئذ متوجه إلى ما سلف من اقتراحهم مع كونهم في العناد على ما شرح أي فليس لهم ذلك بل لله الأمر جميعا إن شاء أتى بما اقترحوا وإن شاء لم يأت به حسبما تستدعيه داعية الحكمة من غير أن يكون لأحد عليه تحكم أو اقتراح واليأس بمعنى القنوط أي الم يعلم الذين آمنوا حالهم هذه فلم يقنطوا من إيمانهم حتى أحبوا ظهور مقترحاتهم فالإنكار متوجه