النحل 115 116 مع أن ما يتلوه من خطاب النهي متوجه إلى الكفار كما فعله الواحدي حيث قال فكلوا أنتم يا معشر المؤمنين مما رزقكم الله من الغنائم مما لا يليق بشأن التنزيل الجليل إن كنتم إياه تعبدون أي تطيعون أو إن صح زعمكم أنكم تقصدون بعبادة الآلهة عبادته تعالى إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به تعليل لحل ما أمرهم بأكله مما رزقهم أي إنما حرم هذه الأشياء دون ما تزعمون حرمته من البحائر والسوائب ونحوها فمن اضطر بما اعتراه من الضرورة فتناول شيئا من ذلك غير باغ أي على مضطر آخر ولا عاد أي متجاوز قدر الضرورة فإن ربك غفرو رحيم أي لا يؤاخذه بذلك فأقيم سببه مقامه وفي التعرض لوصف الربوبية إيماء إلى علة الحكم وفي الإضافة إلى ضميره A إظهار لكمال اللطف به A وتصدير الجملة بإنما لحصر المحرمات في الأجناس الأربعة إلا ما ضم إليه كالسباع والحمر الأهلية ثم أكد ذلك بالنهي عن التحريم والتحليل بأهوائهم فقال ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم اللام صلة مثلها في قوله تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات أي لا تقولوا في شأن ما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكم ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا من غير ترتب ذلك الوصف على ملاحظة وفكر فضلا عن استناده إلى وحي أو قياس مبني عليه الكذب منتصب بلا تقولوا وقوله تعالى هذا حلال وهذا حرام بدل منه ويجوز أن يتعلق بتصف على إرادة القول أي لا تقولوا لما تصف ألسنتكم فتقول هذا حلال وهذا حرام وأن يكون القول المقدر حالا من ألسنتهم أي قائلة هذا حلال الخ ويجوز أن ينتصب الكذب بتصف ويتعلق هذا حلال الخ بلا تقولوا واللام للتعليل وما مصدرية أي لا تقولا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب أي لا تحلوا ولا تحرموا لمجرد وصف ألسنتكم الكذب وتصويرها له بصورة مستحسنة وتزيينها له في المسامع كأن ألسنتهم لكونها منشأ للكذب ومنبعا للزور شخص عالم بكنهه ومحيط بحقيقته يصفه للناس ويعرفه أوضح وصف وأبين تعريف على طريقة الاستعارة بالكناية كما يقال وجهه يصف الجمال وعينه تصف السحر وقرئ بالجر صفة لما مع مدخولها كأنه قيل لوصفها الكذب بمعنى الكاذب كقوله تعالى بدم كذب والمراد بالوصف وصفها البهائم بالحل والحرمة وقرب الكذب جمع كذوب بالرفع صفة للألسنة وبالنصب على الشتم أو بمعنى الكلم الكواذب أو هو جمع الكذاب من قولهم كذب كذبا ذكره ابن جني لتفتروا على الله الكذب