النحل 124 حال من المضاف إليه لما أن المضاف لشدة اتصاله به عليه السلام جرى منه مجرى البعض فعد بذلك من قبيل رأيت وجه هند قائمة والمأمور به الاتباع في الأصول دون الشرائع المتبدلة بتبدل الأعصار وما في ثم من التراخي في الرتبة للإيذان بأن هذه النعمة من أجل النعم الفائضة عليه السلام وما كان من المشركين تكرير لما سبق لزيادة تأكيد وتقرير لنزاهته عليه السلام عما هم عليه من عقد وعمل وقوله تعالى إنما جعل السبت أي فرض تعظيمه والتخلي فيه للعبادة وترك الصيد فيه تحقيق لذلك النفي الكلي وتوضيح له بإبطال ما عسى يتوهم كونه قادحا في كليته حسبما سلف في قوله تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا الخ فإن اليهود كانوا يدعون أن السبت من شعائر الإسلام وأن إبراهيم عليه السلام كان محافظا عليه أي ليس السبت من شرائع إبراهيم وشعائر ملته التي أمرت باتباعها حتى يكون بينه E وبين بعض المشركين علاقة في الجملة وإنما شرع ذلك لبني إسرائيل بعد مدة طويلة وإيراد الفعل مبنيا للمفعول جرى على سنن الكبرياء وإيذان بعدم الحاجة إلى التصريح بالفاعل لاستحالة الإسناد إلى الغير وقد قرئ على البناء للفاعل وإنما عبر عن ذلك بالجعل موصولا بكلمة على وعنهم بالاسم الموصول باختلافهم فقيل إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه للإيذان بتضمنه للتشديد والابتلاء المؤدي إلى العذاب وبكونه معللا باختلافهم في شأنه قبل الوقوع إيثارا له على ما أمر الله تعالى به واختيارا للعكس لكن لا باعتبار شمول العلية لطرفي الاختلاف وعموم الغائلة للفريقين بل باعتبار حال منشأ الاختلاف من الطرف المخالف للحق وذلك أن موسى E أمر اليهود أن يجعلوا في الأسبوع يوما واحدا للعبادة وأن يكون ذلك يوم الجمعة فأبوا عليه وقالوا نريد اليوم الذي فرغ الله تعالى فيه من خلق السموات والأرض وهو السبت إلا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة فأذن الله تعالى لهم في السبت وابتلاهم بتحريم الصيد فيه فأطاع أمر الله تعالى الراضون بالجمعة فكانوا لا يصيدون وأعقابهم لم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله سبحانه قردة دون أولئك المطيعين وإن ربك ليحكم بينهم أي بين الفريقين المختلفين فيه 6 يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أي يفصل ما بينهما من الخصومة والاختلاف فيجازي كل فريق بما يستحقه من الثواب والعقاب وفيه إيماء إلى أن ما وقع في الدنيا من مسخ أحد الفريقين وإنجاء الآخر بالنسبة إلى ما سيقع في الآخرة شيء لا يعتد به هذا هو الذي يستدعيه الإعجاز التنزيلي وقيل المعنى إنما جعل وبال السبت وهو المسخ على الذين اختلفوا فيه أي أحلوا الصيد فيه تارة وحرموه أخرى وكان حتما عليهم أن يتفقوا على تحريمه حسبما أمر الله سبحانه به وفسر الحكم بينهم بالمجازاة باختلاف أفعالهم بالإحلال تارة والتحريم أخرى ووجه إيراده ههنا بأنه أريد به إنذار المشركين من سخط الله تعالى على العصاة والمخالفين لأوامره كضرب المثل بالقرية التي كفرت بأنعم الله تعالى ولا ريب في أن كلمة بينهم تحكم بأن المراد بالحكم هو فصل ما بين الفريقين من الاختلاف وأن توسيط حديث المسخ للإنذار المذكور بين