الكهف 16 17 وإذا اعتزلتموهم أي فارقتموهم في الاعتقاد أو أردتم الاعتزال الجسماني وما يعبدون إلا الله عطف على الضمير المنصوب وما موصولة أو مصدرية أي إذ اعتزلتموهم ومعبوديهم إلا الله أو وعبادتهم إلا عبادة الله وعلى التقديرين فالاستثناء متصل على تقدير كونهم مشركين كأهل مكة ومنقطع على تقدير تمحضهم في عبادة الأوثان ويجوز كون ما نافية على أنه إخبار من الله تعالى عن الفتية بالتوحيد معترض بين إذ وجوابه فأووا أي التجئوا إلى الكهف قال الفراء هو جواب إذ كما تقول إذ فعلت فافعل كذا وقيل هو دليل على جوابه أي إذ اعتزلتموهم اعتزالا اعتقاديا فاعتزلوهم اعتزالا جسمانيا أو إذا أردتم اعتزالهم فافعلوا ذلك بالالتجاء إلى الكهف ينشر لكم يبسط لكم ويوسع عليكم ربكم مالك أمركم من رحمته في الدارين ويهيء لكم يسهل لكم من أمركم الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين مرفقا ما ترتفقون وتنتفعون به وقرئ بفتح الميم وكسر الفاء مصدرا كالمرجع وتقديم لكم في الموضعين لما مر مرارا من الإيذان من أول الأمر بكون المؤخر من منافعهم والتشويق إلى وروده وترى الشمس بيان لحالهم بعد ما أووا إلى الكهف ولم يصرح به إيذانا بعدم الحاجة إليه لظهور جريانهم على موجب الأمر به لكونه صادرا عن رأي صائب وتعويلا على ما سلف من قوله سبحانه إذ أوى الفتية إلى الكهف وما لحق من إضافة الكهف إليهم وكونهم في فجوة منه والخطاب للرسول صلى لله عليه وسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب وليس المراد به الإخبار بوقوع الرؤية تحقيقا بل الإنباء بكون الكهف بحيث لو رأيته ترى الشمس إذا طلعت تزاور أي تتزاور و تتنحى بحذف إحدى التاءين وقرئ بإدغام التاء في الزاي وتزور كتخمر وتزوار كتخمار وتزوئر وكلها من الزور وهو الميل عن كهفهم الذي أووا إليه فالإضافة لأدنى ملابسة ذات اليمين أي جهة ذات يمين الكهف عند توجه الداخل إلى قعره أي جانبه الذي يلي المغرب فلا يقع عليهم شعاعها فيؤذيهم وإذا غربت أي تراها عند غروبها تقرضهم أي تقطعهم من القطيعة والصرم ولا تقربهم ذات الشمال أي جهة ذات شمال الكهف أي جانبه الذي يلي المشرق وكان ذلك بتصريف الله سبحانه على منهاج خرق العادة كرامة لهم وقوله تعالى وهم في فجوة منه جملة حالية مبينة لكون ذلك أمرا بديعا أي تراها تميل عنهم يمينا وشمالا ولا تحوم حولهم مع أنهم في متسع من الكهف معرض لإصابتها لولا أن عرفتها عنهم يد التقدير ذلك أي ما صنع الله بهم من تزاور الشمس وقرضها حالتي الطلوع والغروب