الكهف 102 103 فإن ذلك إنما هو لعدم استعمال مشاعرهم فيما عرض لهم في الدنيا من الآيات وإعراضهم عنها مع كونها أسبابا منجية عما ابتلوا به في الآخرة أفحسب الذين كفروا أي كفروا بي كما يعرب عنه قوله تعالى عبادي والحسبان بمعنى الظن وقد قرئ أفظن والهمزة للإنكار والتوبيخ على معنى إنكار الواقع واستقباحه كما في قولك أضربت أباك لا إنكار الوقوع كما في قوله أأضرب أبى والفاء للعطف على مقدر يفصح عنه الصلة على توجيه الإنكار والتوبيخ إلى المعطوفين جميعا كما إذا قدر المعطوف عليه في قوله تعالى أفلا تعقلون منفيا أي ألا تسمعون فلا تعقلون لا إلى المعطوف فقط كما إذا قدر مثبتا أي أتسمعون فلا تعقلون والمعنى أكفروا بي مع جلالة شأني فحسبوا أن يتخذوا عبادي من دوني من الملائكة وعيسى وعزير عليهم السلام وهم تحت سلطاني وملكوتي أولياء معبودين ينصرونهم من بأسي وما قيل إنها للعطف على ما قبلها من قوله تعالى كانت الخ وكانوا الخ دلالة على أن الحسبان ناشيء من التعامي والتصام وأدخل عليها همزة الإنكار ذما على ذم وقطعا له عن المعطوف عليهما لفظا لا معنى للإيذان بالاستقلال المؤكد للذم يأباه ترك الإضمار والتعرض لوصف آخر غير التعامي والتصام على أنهما أخرجا مخرج الأحوال الجبلية لهم ولم يذكروا من حيث أنهما من أفعالهم الاختيارية الحادثة كحسبانهم ليحسن تفريعه عليهما وأيضا فإنه دين قديم لهم لا يمكن جعله ناشئا عن تصامهم عن كلام الله D وتخصيص الإنكار بحسبانهم المتأخر عن ذلك تعسف لا يخفى وما في حيز صلة أن ساد مسد مفعولي حسب كما في قوله تعالى وحسبوا أن لا تكون فتنة أي أفحسبوا أنهم يتخذونهم أولياء على معنى أن ذلك ليس من الاتخاذ في شيء لما أنه إنما يكون من الجانبين وهم عليهم الصلاة والسلام منزهون عن ولايتهم بالمرة لقولهم سبحانك أنت ولينا من دونهم وقيل مفعوله الثاني محذوف أي أفحسبوا اتخاذهم نافعا لهم والوجه هو الأول لأن في هذا تسليما لنفس الاتخاذ واعتدادا به في الجملة وقرئ أفحسب الذين كفروا أي أفحسبهم وكافيهم أن يتخذوهم أولياء على الابتداء والخبر أو الفعل والفاعل فإن النعت إذا اعتمد الهمزة ساوى الفعل في العمل فالهمزة حينئذ بمعنى إنكار الوقوع إنا أعتدنا جهنم أي هيأناها للكافرين المعهودين عدل عن الإضمار ذما لهم وإشعارا بأن ذلك الاعتاد بسبب كفرهم المتضمن لحسبانهم الباطل نزلا أي شيئا يتمتعون به عند ورودهم وهو ما يقام للنزيل أي الضيف مما حضر من الطعام وفيه تخطئه لهم في حسبانهم وتهكم بهم حيث كان اتخاذهم إياهم أولياء من قبيل إعتاد العتاد وإعداد الزاد ليوم المعاد فكأنه قيل إنا اعتدنا لهم مكان ما أعدوا لأنفسهم من العدة والذخر جهنم عدة وفي إيراد النزل إيماء إلى أن لهم وراء جهنم من العذاب ما هو أنموذج له وقيل النزل موضع النزول ولذلك فسره ابن عباس Bهما بالمثوى قل هل ننبئكم الخطاب الثاني للكفرة على وجه