مريم 18 21 في مغتسلها أتاها الملك E في صورة آدمي شاب أمرد وضئ والوجه جعد الشعر وذلك قوله تعالى فأرسلنا إليها روحنا أي جبريل E عبر عنه بذلك توفية للمقام حقه وقرئ بفتح الراء لكونه سببا لما فيه من روح العباد الذي هو عدة المقربين في قوله تعالى فأما إن كان من المقربين فروح وريحان فتمثل لها بشرا سويا سوى الخلق كامل البنية لم يفقد من حسان نعوت الآدمية شيئا وقيل تمثل في سورة ترب لها اسمه يوسف من خدم بيت المقدس وذلك لتستأنس بكلامه وتتلقى منه ما يلقي إليها من كلماته تعالى إذ لو بدا لها على الصورة الملكية لنفرت منه ولم تستطع مفاوضته وأما ما قبل من أن ذلك لتهييج شهوتها فتنحدر نطفتها إلى رحمها فمع مخالفته لمقام بيان آثار القدرة الخارقة للعادة يكذبه قوله تعالى قالت إني أعوذ بالرحمن منك فإنه شاهد عدل بأنه لم يخطر ببالها شائبة ميل ما إليه فضلا عما ذكر من الحالة المترتبة على أقصى مراتب الميل والشهوة نعم كان تمثيله على ذلك الحسن الفائق والجمال الرائق لابتلائها وسبر عفتها ولقد ظهر منها من الورع والعفاف ما لا غاية وراءه وذكره تعالى بعنوان الرحمانية للمبالغة في العياذ به تعالى واستجلاب آثار الرحمة الخاصة التي هي العصمة مما دهمها وقوله تعالى إن كنت تقيا أي تتقي الله تعالى وتبالي بالإستعاذة به وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة السياق عليه أي فإني عائذة به أو فتعوذ بتعوذي أو فلا تتعرض لي قال إنما أنا رسول ربك يريد E إني لست ممن يتوقع منه ما توهمت من الشر وإنما أنا رسول ربك الذي استعذت به لأهب لك غلاما أي لأكون سببا في هبته بالنفخ في الدرع ويجوز أن يكون ذلك حكاية لقوله تعالى ويؤيده القراءة بالياء والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرها لتشريفها وتسليتها والإشعار بعلة الحكم فإن هبة الغلام لها من أحكام تربيتها وفي بعض المصاحف أمرني أن أهب لك غلاما زكيا طاهرا من الذنوب أو ناميا على الخير أي مترقيا من سن إلى سن على الخير والصلاح قالت أنى يكون لي غلام كما وصفت ولم يمسسني بشر أي والحال أنه لم يباشرني بالنكاح رجل وإنما قيل بشر مبالغة في بيان تنزهها من مبادئ الولادة ولم أك بغيا عطف على لم يمسسني داخل معه في حكم الحالية مفصح عن كون المساس عبارة عن المباشرة بالنكاح أي ولم أكن فاجرة تبغي الرجال وهي فعول بمعنى الفاعل أصلها بغوي فأدغمت الواو بعد قلبها ياء في الياء وكسرت الغين للياء وقيل هي فعيل بمعنى الفاعل وإلا لقيل بغو كما يقال فلان نهو عن المنكر وإنما لم تلحقه التاء لأنها من باب النسب كطالق أو بمعنى المفعول أي يبغيها الرجال للفجور بها قال أي