طه 97 عليه السلام فإن مما يقع بحسب ما يتفق وقد كان رأي أن جبريل عليه السلام جاء راكبا فرسا وكان كلما رفع الفرس يديه أو رجليه على الطريق اليبس يخرج من تحته النبات في الحال فعرف أن له شأنا فأخذ من موطئه حفنة وذلك قوله تعالى فقبضت قبضة من أثر الرسول وقرئ من أثر فرس الرسول أي من تربة موطئ فرس الملك الذي ارسل إليك ليذهب بك إلى الطور ولعل ذكره بعنوان الرسالة للإشعار بوقوفه على ما لم يقف عليه القوم من الأسرار الإلهية تأكيدا لما صدر به مقالته والتنبيه على وقت أخذ ما اخذ والقبضة المرة من القبض أطلقت على المقبوض مرة وقرئ بضم القاف وهو اسم المقبوض كالغرفة والمضغة وقرئ فقبصت قبصة بالصاد المهملة والأول للأخذ بجميع الكف والثاني بأطراف الأصابع ونحوهما الخضم والقضم فنبذتها أي في الحلي المذابة فكان ما كان وكذلك سولت لي نفسي أي ما فعلته من القبض والنبذ فقوله تعالى ذلك إشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعده ومحل كذلك في الأصل النصب على أنه مصدر تشبيهي أي نعت لمصدر محذوف والتقدير سولت لي نفسي تسويلا كائنا مثل ذلك التسويل فقدم على الفعل لإفادة القصر واعتبرت الكاف مقحمة لإفادة تأكيد ما أفاده اسم الإشارة من افخامة فصار نفس المصدر المؤكد لا نعتا له أي ذلك التزيين البديع زيت لي نفسي ما فعلته لا تزيينا أدنى منه ولذلك فعلته وحاصل جوابه أن ما فعله إنما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الأمارة بالسوء وإغوائها لا بشيء آخر من البرهان العقلي أو الإلهام الإلهي فعند ذلك قال عليه السلام فاذهب أي من بين الناس وقوله تعالى فإن لك في الحياة الخ تعليل لموجب الأمر وفي متعلقة بالاستقرار في لك أي ثابت لك في الحياة أو بمحذوف وقع حالا من الكاف والعامل معنى الاستقرار في الظرف المذكور لاعتماده على ما هو مبتدأ معنى لا بقوله تعالى أن تقول لا مساس لمكان أي أن ثابت لك كائنا في الحياة أي مدة حياتك أن تفارقهم مفارقة كلية لكن لا بحسب الاختيار بموجب التكليف بل بحسب الاضطرار الملجئ إليها وذلك أنه تعالى رماه بداء عقام لا يكاد يمس أحدا أو بمسه احد كائنا من كان إلا حما من ساعته حمى شديدة فتحامى الناس وتحاموه وكان يصيح بأقصى طوقه لا مساس وحرم عليهم ملاقته ومواجهته ومكالمته ومبايعته وغيرها مما يعتاد جريانه فيما بين الناس من المعاملات وصار بين الناس اوحش من القاتل اللاجئ إلى الحرم ومن الوحش النافر في البرية ويقال إن قومه باق فيهم تلك الحالة الى اليوم وقرئ لا مساس كفجار وهو علم للمسة ولعل السر في مقابلة جنايته بتلك العقوبة خاصة ما بينهما من مناسة لتضاد فإنه لما أنشأ الفتنة بما كانت ملابسته سببا لحياة الموات عوقب مما يضاده حيث جعلت ملابسته سببا للحمى التي هي من اسباب موت الأحياء وإن لك موعدا أي في الآخرة لن تخلفه اي لن يخلفك الله ذلك الوعد بل ينجزه لك البتة بعد ما عاقبك في الدنيا وقرئ بكسر اللام والأظهر أنه من أخلفت الموعد أي وجدته خلفا وقرئ