سورة النور 57 الزكاة عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام ويستدعيه النظام فإن خطابه تعالى للمأمورين بالطاعة على طريق الترهيب من التولي بقوله تعالى فإن تولوا الخ وترغيبه تعالى إياهم في الطاعة بقوله تعالى وإن تطيعوه تهتدوا الخ وعده تعالى إياهم على الإيمان والعمل الصالح بما فصل من الاستخلاف وما يتلوه من الرغائب الموعودة ووعيده على الكفر مما يوجب الأمر بالإيمان والعمل الصالح والنهي عن الكفر فكأنه قيل فآمنوا وعملوا صلاحا وأقيموا أو فلا تكفروا وأقيموا وعطفه على أطيعوا الله مما لا يليق بجزالة النظم الكريم وأطيعوا الرسول أمرهم الله سبحانه وتعالى بالذات بما أمرهم به بواسطة الرسول A من طاعته التي هي طاعته تعالى في الحقيقة تأكيدا للأمر السابق وتقريرا لمضمونه على ان المراد بالمطاع فيه جميع الأحكام الشرعية المنتظمة للآداب المرضية أيضا أى وأطيعوه في كل ما يأمركم به وينهاكم عنه أو تكميلا لما قبله من الأمرين الخاصين المتعلقين بالصلاة والزكاة على أن المراد بما ذكر ما عداهما من الشرائع أى وأطيعوه في سائر ما يأمركم به الخ وقوله تعالى لعلكم ترحمون متعلق على الأول بالامر الأخير المشتمل على جميع الأوامر وعلى الثاني بالأوامر الثلاثة أى افعلوا ما ذكر من الإقامة والإيتاء .
57 - والإطاعة راجين أن ترجموا لا تحسبن الذين كفروا لما بين حال من أطاعه A وأشير إلى فوزه بالرحمة المطلقة المستتبعة لسعادة الدارين عقب ذلك ببيان حال من عصاه A ومآل أمره في الدينا والآخرة بعد بيان تناهيه في الفسق تكميلا لأمر الترغيب والترهيب والخطاب إما لكل أحد ممن يصلح له كائنا من كان وإما للرسول A على منهاج قوله تعالى فلا تكونن من المشركين ونظائره للإيذان بأن الحسبان المذكور من القبح والمحذوريه بحيث ينهى عنه من يمتنع صدوره عنه فكيف بمن يمكن ذلك منه ومحل الموصول النصب على أنه مفعول أول للحسبان وقوله تعالى معجزين ثانيهما وقوله تعالى في الأرض ظرف لمعجزين لكن لا لإفادة كون الإعجاز المنفي فيها لا في غيرها فإن ذلك مما لا يحتاج إلى البيان بل لإفادة شمول عدم الإعجاز بجميع أجزائها أى لا تحسبنهم معجزين الله D عن إدراكهم وإهلاكهم في قطر من أقطار الأرض بما رحبت وإن هربوا منها كل مهرب وقرئ لا يحسبن بياء الغيبة على أن الفاعل كل أحد والمعنى كما ذكر أى لا يحسبن أحد الكافرين معجزين له سبحانه في الأرض أو هو الموصول والمفعول الأول محذوف لكونه عبارة عن أنفسهم كأنه قيل لا تحسبن الكافرين أنفسهم معجزين في الأرض وأما جعل معجزين مفعولا أول وفي الأرض مفعولا ثانيا فبمعزل من المطابقة لمقتضى المقام ضرورة أن مصب الفائدة هو المفعول الثاني ولا فائدة في بيان كون المعجزين في الأرض وقد مر في قوله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة وقوله تعالى ومأواهم النار معطوف على جملة النهى بتأويلها بجملة خبرية لأن المقصود بالنهى عن الحسبان تحقيق نفي الحسبان كأنه قيل ليس الذين كفروا معجزين ومأواهم الخ أو على جملة مقدرة وقعت تعليلا للنهي كأنه قيل لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض فإنهم مدركون ومأواهم الخ وقيل الجملة المقدرة بل هم مقهورون فتدبر ولبئس المصير