سورة الفرقان 39 40 ولذلك سميت مغربا فدعا عليها حنظلة عليه السلام فأصابتها الصاعقة ثم إنهم قتلوه عليه السلام فأهلكوا وقيل قوم كذبوا رسولهم فرسوه أى دسوه في بئر وقرونا أي أهل قرون قيل القرن أربعون سنة وقيل سبعون وقيل مائة وعشرون بين ذلك أي بين ذلك المذكور من الطوائف والأمم وقد يذكر الذاكر أشياء مختلفة ثم يشير إليها بذلك ويحسب الحاسب أعدادا متكاثرة ثم يقول فذلك كيت وكيت على ذلك المذكور وذلك المحسوب كثيرا لا يعلم مقدارها إلا العليم الخبير ولعل الإكتفاء في شؤن تلك القرون بهذا البيان الإجمالي لما أن كل قرن منها لم يكن في الشهرة وغرابة القصة بمثابة الأمم المذكورة وكلا منصوب بمضمر يدل عليه ما بعده فإن ضرب المثل في معنى التذكير والتحذير والمحذوف الذي عوض عنه التنوين عبارة إما عن الأمم التي لم يذكر أسباب إهلاكهم وإما عن الكل فإن ما حكى عن قوم نوح وقوم فرعون تكذيبهم للآيات والرسل لا عدم التأثير من الأمثال المضروبة أي ذكرنا وأنذرنا كل واحد من المذكورين ضربنا له الأمثال أي بينا له القصص العجينة الزاجرة عما هم عليه من الكفر و المعاصي بواسطة الرسل وكلا الامال التي هي إنجاء بني إسرائيل تبرنا تتبيرا عجيبا هلائلا لما أنهم لم يتأثروا بذلك ولم يرفعوا له رأسا وتمادوا على ما هم عليه عن الكفر والعدوان وأصل التتبير التفتيت قال الزجاج كل شيء كسرته وفتتته فقد تبرته ومنه التبر لفئات الذهب والفضة ولقد أتوا جملة مستأنفة مسوقة لبيان مشاهدتهم لآثار هلاك بعض الأمم المتبرة وعدم اتعاظهم بها وتصديرها بالقسم لمزيد تقرير مضمونها أى وبالله لقد أتى قريش في متاجرهم إلى الشام على القرية التي أمطرت أى أهلكت بالحجارة وهي قرى قوم لوط وكانت خمس قرى ما نجت منها إلا واحدة كان أهلها لا يعملون العمل الخبيث وأما البواقي فأهلكها الله تعالى بالحجارة وهي المرادة بقول تعالى مطر السوء وانتصابه إما على أنه مصدر مؤكد بحذف الزوائد كما قيل في أنبته الله تعالى نباتا حسنا أى أمطار السوء أو على تركهم بعلة الحكم لولا نزل عليه القرآن التنزيل ههنا مجرد عن معنى التدريج كما في قوله تعالى يسألك الامال التي هي إنجاء بني إسرائيل التذكر عند مشاهدة ما يوجبه والهمزة لإنكار نفي استمرار رؤيتهم لها وتقرير استمرارها حسب استمرار ما يوجبها من إتيانهم عليها لا لإنكار استمرار نفي رؤيتهم وتقرير رؤيتهم لها في الجملة والفاء لعطف مدخولها على مقدر يقتضيه المقام أي ألم يكونوا ينظرون إليها فلم يكونوا يرونها أو أكانوا ينظرون إليها فلم يكونوا يرونها في مرار مرورهم ليتعظوا بما كانوا يشاهدونه من آثار العذاب فالمنكر في الأول ترك النظر وعدم النظر الرؤية معا وفي الثاني عدم الرؤية مع تحقق النظر الموجب لها وقوله تعالى بل كانوا لا يرجون نشورا إما إضراب عما قبله من عدم رؤيتهم لآثار ما جرى على أهل القرى من العقوبة وبيان لكون وعدم اتعاظهم بسبب إنكارهم لكون ذلك عقوبة