البقرة 140 .
والنصراينة وتبنون دخول الجنة والاهتداء عليهما وتقولون تارة لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى وتارة كونوا هودا أو نصارى تهتدوا .
وهو ربنا وربكم جملة حالية وكذلك ما عطف عليها أي أتجادلوننا والحال أنه لا وجه للمجادله أصلا لأنه تعالى ربنا أي مالك أمرنا وأمركم .
ولنا أعمالنا الحسنة الموافقة لأمرة .
ولكم أعمالكم السيئة المخالفة لحكمة .
ونحن له مخلصون في تلك الأعمال لا نبتغى بها إلا وجهة فأني لكم المحاجة وادعاء حقية ما أنتم عليه والطمع في دخول الجنة بسببه ودعوة الناس إليه وكلمة أم في قوله تعالى .
أم تقولون إما معادلة للهمزة في قوله تعالى أتحاجوننا داخلة في حيز الأمر على معنى أي الأمرين تأتون إقامة الحجة وتنوير البرهان على حقية ما انتم عليه والحال ما ذكر أم التشبث بذيل التقليد والافتراء على الأنبياء وتقولون .
إن إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى فنحن بهم مقتدون والمراد إنكار كلا الأمرين والتوبيخ عليهما وإما منقطعة مقدرة ببل والهمزة دالة على الإضراب والانتقال من التوبيخ على المحاجة إلى التوبيخ على الافتراء على الأنبياء عليهم السلام وقرئ أم يقولون على صيغة الغيبة فهى منقطعة لا غير غير داخلة تحت الأمر واردة من جهته تعالى توبيخا لهم وإنكارا عليهم لا من جهته عليه السلام على نهج الالتفات كما قيل هذا وأما ماقيل من أن المعنى اتحاجوننا في شأن الله واصطفائه نبيا من العرب دونكم لما روى أن أهل الكتاب قالوا الأنبياء كلهم منا فلو كنت نبيا لكنت منا فنزلت ومعنى قوله تعالى وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم أنه لا اختصاص له تعالى بقوم دون قوم يصيب برحمته من يشاء من عباده فلا يبعد أن يكرمنا بأعمالنا كما أكرمكم بأعمالكم كأنه ألزمهم على كل مذهب ينتحونه إفحاما وتبكيتا فإن كرامة البنوة إما تفضل من الله تعالى على من يشاء فالكل فيه سواء وإما إفاضة حق على المستحقين لها بالمواظبة على الطاعة والتجلى بالإخلاص فكما أن لكم أعمالا ربما يعتبرها الله تعالى في إعطائها فلنا أيضا أعمال ونحن له مخلصون أي لا أنتم فمع عدم ملاءمته لسياق النظم الكريم وسياقه لاسيما على تقدير كون كلمة أم معادلة للهمزة غير صحيح في نفسه لما أن المراد بالأعمال من الطرفين ما أشير إليه من الأعمال الصالحة والسيئة ولا ريب في أن أمر الصلاح والسوء يدور على موافقة الدين المبنى على البعثة ومخالفته فكيف يتصور اعتبار تلك الأعمال في استحقاق النبوة واستعدادها المتقدم على البعثة بمراتب .
قل أأنتم أعلم أم الله إعادة الأمر ليست لمجرد تأكيد التوبيخ وتشديد الإنكار عليهم بل للإيذان بأن ما بعده ليس متصلا بما قبله بل بينهما كلام للمخاطبين مترتب على ما سبق مستتبع لما لحق قد ضرب عنه الذكر صفحا لظهورة وهو تصريحهم بما وبخوا عليه من الافتراء على الأنبياء عليهم السلام كما في قوله D قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون قال فما خطبكم أيها المرسلون وقوله عز قائلا قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت على فإن تكرير قال في الموضعين وتوسيطه بين قولى قائل واحد