سورة النمل 29 31 إليهم استئناف مبين لكيفية النظر الذي وعده E وقد قاله E بعد ما كتب كتابه في ذلك المجلس أو بعده وتخصيصه E إياه بالرسالة دون سائر ما تحت ملكه من أمناء الجن الأقوياء على التصرف والتعرف لما عاين فيه من مخايل العلم والحكمة وصحة الفراسة ولئلا يبقى له عذر أصلا ثم تول عنهم أي تنح إلى مكان قريب تتوارى فيه فانظر أي تأمل وتعرف ماذا يرجعون أي ماذا يرجع بعضهم إلى بعض من القول وجمع الضمائر لما أن مضمون الكتاب الكريم دعوة الكل إلى الإسلام قالت أي بعد ما ذهب الهدهد بالكتاب فألقاه إليهم وتنحى عنهم حسبما أمر به وإنما طوى ذكره إيذانا بكمال مسارعته إلى إقامة ما أمر به من الخدمة وإشعارا باستغنائه عن التصريح به لغاية ظهوره روى أنه E كتب كتابه وطبعه بالمسك وختمه بخاتمه ودفعه إلى الهدهد فوجدها الهدهد راقدة في قصرها بمأرب وكانت إذا رقدت غلقت الأبواب ووضعت المفاتيح تحت رأسها فدخل من كوة وطرح الكتاب على نحوها وهي مستقلية وقيل نقرها فانتبهت فزعة وقيل أتاها والقادة والجنود حواليها فرفرف ساعة والناس ينظرون حتى رفعت رأسها فألقى الكتاب على حجرها وكانت قارئة كاتبة عربية من نسل تبع الحميري كما مر فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت فعند ذلك قالت لأشراف قومها يأيها الملأ إني ألقى إلي كتاب كريم وصفته بالكرم لكرم مضمونه أو لكونه من عند ملك كريم أو لكونه مختوما أو لغرابة شأنه ووصوله إليها على منهاج غير معتاد إنه من سليمان استئناف وقع جوابا لسؤال مقدر كأنه قيل ممن هو وماذا مضمونه فقالت إنه من سليمان وإنه أي مضمونه أو المكتوب فيه بسم الله الرحمن الرحيم وفيه إشارة إلى سبب وصفها إياه بالكرم وقرئ أنه وأنه بالفتح على حذف اللام كأنها عللت كرمه بكونه من سليمان وبكونه مصدرا باسم الله تعالى وقيل على أنه بدل من كتاب وقرئ أن من سليمان وأن بسم الله الرحمن الرحيم على أن المفسرة أن لا تعلوا على أن مفسرة ولا ناهية أي لا تتكبروا كما يفعل جبابرة الملوك وقيل مصدرية ناصة للفعل ولا نافية محلها الرفع على أنها من كتاب أو خبر لمبتدأ مضمر يليق بالمقام أي مضمونه أن لا تعلوا أو النصب بإسقاط الخافض أي بأن لا تعلوا علي وقرئ أن لا تغلوا بالغين المعجمة أي لا تجاوزوا حدكم وأتوني مسلمين أي مؤمنين وقيل منقادين والأول هو الأليق بشأن النبي A على أن الإيمان مستتبع للانقياد حتما روى أن نسخة الكتاب من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ السلام على من اتبع الهدى أما بعد فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين وليس الأمر فيه بالإسلام قبل إقامة الحجة على رسالته حتى يتوهم كونه استدعاء للتقليد فإن إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة معجزة باهرة دالة على رسالة مرسلها دلالة بينة