سورة النمل 36 37 وإن رأيته بشاص لطيفا فهو نبي فأقبل الهدهد فأخبر سليمان عليه السلام بذلك فأمر الجن فضربوا لبن الذهب والفضة وفرشوه في ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ وجعلوا حول الميدان حائطا شرفاته من الذهب والفضة وأمر بأحسن الدواب في البر والبحر فربطوها عن يمين الميدان ويساره على اللبن وأمر بأولاد الجن وهم خلق كثير فأقيموا على اليمين واليسار ثم قعد على سريره والكراسي من جانبيه واصطفت الشياطين صفوفا فراسخ والإنس صفوفا فراسخ والوحش والسباع والطيور والهوام كذلك فلما دنا القوم ونظروا بهتوا ورأوا الدواب تروث على اللبن فتقاصرت إليهم نفوسهم ورموا بما معهم ولما وقفوا بين يديه نظر إليهم بوجه طلق وقال ما وراءكم وقال أين الحق وأخبره جبريل عليهما السلام بما فيه فقال لهم إن فيه كذا وكذا ثم أمر بالأرضة فأخذت شعرة ونفذت في الدرة فجعل رزقها في الشجره وأخذت دودة بيضاء الخيط بفيها ونفذت في الجزعة فجعل رزقها في الفواكه ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه ثم رد الهدية وذلك قوله تعالى فلما جاء سليمان أي الرسول قال أي مخاطبا للرسول والمرسل تغليبا للحاضر على الغائب وقيل للرسول ومن معه ويؤيده أنه قرئ فلما جاءوا والأول أولى لما فيه من تشديد الإنكار والتوبيخ وتعميمهما لبلقيس وقومها ويؤيده الإفراد في قوله تعالى ارجع إليهم أتمدونني بمال وهو إنكار لإمدادهم إياه E بالمال مع علو شأنه وسعة سلطانه وتوبيخ لهم بذلك وتنكير مال للتحقير وقوله تعالى فما آتاني الله أي مما رأيتم آثاره من النبوة والملك الذي لا غاية وراءه خير مما آتاكم أي من المال الذي من جملته ما جئتم به فلا حاجة لي إلى هديتكم ولا وقع لها عندي تعليل للإنكار ولعله E إنما قال لهم هذه المقالة إلى آخرها بعد ما جرى بينه وبينهم ما حكى من قصة الحق وغيرها كما أشير إليه لا أنه E خاطبهم بها أول ما جاءوه كما يفهم من ظاهر قوله تعالى فلما جاء الخ وقرئ أتمدوني بالإدغام وبنون واحدة وبنونين وحذف الياء وقوله تعالى بل أنتم بهديتكم تفرحون إضراب عما ذكر من إنكار الإمداد بالمال إلى التوبيخ بفرحهم بهديتهم التي أهدوها إليه E فرح افتخار وامتنان واعتداد بها كما ينبئ عنه ما ذكر من حديث الحق والجزعة وتغيير زي الغلمان والجواري وغير ذلك وفائدة الإضراب التنبيه على أن إمداده E بالمال منكر قبيح وعد ذلك مع أنه لا قدر له عنده E مما يتنافس فيه المتنافسون أقبح والتوبيخ به أدخل وقيل المضاف إليه المهدى إليه والمعنى بل أنتم بما يهدى إليكم تفرحون حبا لزيادة المال لما أنكم لا تعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا ارجع أفرد الضمير ههنا بعد جمع الضمائر الخمسة فيما سبق لاختصاص الرجوع بالرسول عموم الإمداد ونحوه