القصص 58 60 وأنهم أحقاء بأن يخافوا بأس الله تعالى بقوله وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها أي وكثير من اهل قرية كانت حالهم كحال هؤلاء في الأمن وخفض العيش والدعة حتى أشروا فدمرنا عليهم وخربنا ديارهم فتلك مساكنهم خاوية بما ظلموا لم تسكن من بعدهم من بعد تدميرهم إلا قليلا أي إلا زمانا قليلا إذ لا يسكنها إلا المارة يوما أو بعض يوم أولم يبق من يسكنها إلا قليلا من شؤم معاصيهم وكنا نحن الوارثين منهم إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم في ديارهم وسائر ذات أيديهم وانتصاب معيشتها بنزع الخافض أو يجعلها ظرفا بنفسها كقولك زيد ظنى مقيم او بإضمار زمان مضاف اليه او يجعله مفعولا لبطرت بتضمين معنى كفرت وما كان ربك مهلك القرى بيان للعناية الربانية إثر بيان إهلاك القرى المذكورة أي وما صح وما استقام بل استحال في سنته المبنية على الحكم البالغة أو ما كان في حكمه الماضي وقضائه السابق أن يهلك القرى قبل الانذار بل كانت عادته ان لا يهلكها حتى يبعث في أمها أي في أصلها وقصبتها التي هي أعمالها وتوابعها لكون اهلها افطن وأنبل رسولا يتلو عليهم آياتنا الناطقة بالحق ويدعوهم اليه بالترغيب والترهيب وذلك لإلزام الحجة وقطع المعذرة بأن يقولوا لولا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك والالتفات الى نون العظمة لتربية المهابة وإدخال الروعة وقوله تعالى وما كنا مهلكى القرى عطف على ما كان ربك وقوله تعالى إلا وأهلها ظالمون استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي وما كنا مهلكين لأهل القرى بعد ما بعثنا في أمها رسولا يدعوهم الى الحق ويرشدهم اليه في حال من الاحوال إلا حال كونهم ظالمين بتكذيب رسولنا والكفر بآياتنا فالبعث غاية لعدم صحة الاهلاك بموجب السنة الالهية لا لعدم وقوعه حتى يلزم تحقق الإهلاك عقيب البعث وقد مر تحقيقه في سورة بني إسرائيل وما أوتيتم من شئ من امور الدنيا فمتاع الحياة الدنيا وزينتها أي فهو شئ شانه ان يتمتع ويتزين به أياما قلائل وما عند الله وهو الثواب خير في نفسه من ذلك لانه لذة خالصة عن شوائب الألم وبهجة كاملة عارية عن سمة الهم وابقى لأنه أبدى افلا تعقلون ألا تتفكرون فلا تعقلون هذا الامر الواضح فتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير وقرئ بالياء على الالنفات المبنى على اقتضاء سوء صنيعهم الاعراض عن مخاطبتهم