العنكبوب 59 63 الذين صبروا إما صفة للعاملين أو نصب على المدح أي صبروا على أذية المشركين وشدائد المهاجرة وغير ذلك من المحن والمشاق وعلى ربهم يتوكلون أي ولم يتوكلوا فيما يأتون ويذرون إلا على الله تعالى وكأين من دابة لا تحمل رزقها روى ان النبي لما أمر المؤمنين الذين كانوا بمكة بالمهاجرة الى المدينة قالوا كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة فنزلت أي وكم من دابة لا تطيق حمل رزقها لضعفها أولا تدخره وإنما تصبح ولا معيشة عندها الله يرزقها وإياكم ثم إنها مع ضعفها وتوكلها وإياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء في أنه لا يرزقها وإياكم إلا الله تعالى لأن رزق الكل بأسباب هو المسبب لها وحده فلا تخافوا الفقر بالمهاجرة وهو السميع المبالغ في السمع فيسمع قولكم هذا العليم المبالغ في العلم فيعلم ضمائركم ولئن سألتهم أي اهل مكة من خلق السموات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله إذ لا سبيل لهم الى إنكاره ولا الى النردد فيه فأنى يؤفكون إنكار واستبعاد من جهته تعالى لتركهم العمل بموجبه أي فكيف يصرفون عن الاقرار بتفرده تعالى في الالهية مع إقرارهم بتفرده تعالى فيما ذكر من الخلق والتسخير الله يبسط الرزق لمن يشاء أن يبسطه له من عباده ويقدر له أي يقدر لمن يشاء أن يقدر له منهم كائنا من كان على ان الضمير مبهم حسب إبهام مرجعة أو يقدر لمن ببسطه له على التعاقب إن الله بكل شئ عليم فيعلم من يليق ببسط الرزق فيبسطه له ومن يليق بقدره فيقدره له أو فيعلم ان كلا من البسط والقدر في أي وقت يوافق الحكمة والمصلحة فيفعل كلا منها في وقته ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الارض من بعد موتها ليقولن الله معترفين بأنه الموجد للمكنات بأسرها أصولها وفروعها ثم إنهم يشركون به بعض مخلوقاته الذي لا يكاد يتوهم منه القدرة على شئ ما أصلا قل الحمد لله على أن جعل الحق بحيث لا يجترئ المبطلون على حجوده وأنه اظهر حجتك عليهم وقيل على ان عصمك من أمثال هذه الضلالات ولا يخفى بعده بل اكثرهم لا يعلمون أي شيئا من الاشياء فلذلك لا يعلمون بمقتضى قولهم هذا فيشركون به سبحانه اخس مخلوقاته وقيل لا يعقلون ما تريد بتحميدك عند مقالهم ذلك