الروم 8 دون الواحدة كما توهم أي يعلمون ظاهرا حقيرا خسيسا من الدنيا وهم عن الآخرة التي هي الغاية القصوى والمطلب الاسنى هم غافلون لا يخطرونها بالبال ولا يدركون من الدنيا ما يؤدي الى معرفتها من احوالها ولا يتفكرون فيها كما سيأتي والجملة معطوفة على يعلمون وايرادها اسمية للدلالة على استمرار غفلتهم ودوامها وهم الثانية تكرير للاولى او مبتدا وغافلون خبره والجملة خبر للاولى وهو على الوجهين مناد على تمكن غفلتهم عن الآخرة المحققة لمقتضى الجملة المتقدمة تقريرا لجهالتهم وتشبيها لهم بالبهائم المقصور ادراكاتها من الدنيا على ظواهرها الخسيسة دون احوالها التي هي مبادى العلم بأمور الآخرة واشعارا بأن العلم المذكور وعدم العلم راسا سيان او لم يتفكروا انكار واستقباح لقصر نظرهم على ما ذكر من ظاهر الحياة الدنيا مع الغفلة عن الآخرة والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام وقوله تعالى في انفسهم ظرف للتفكر وذكره مع ظهور استحالة كونه في غيرها لتحقيق امره وتصوير حال المتفكرين وقوله تعالى ما خلق الله السموات والارض وما بينهما الخ متعلق اما بالعلم الذي يؤدي اليه التفكر ويدل عليه او بالقول الذي يترتب عليه كما في قوله تعالى ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا أي اعلموا ظاهر الحياة الدنيا فقط او اقصروا النظر عليه ولم يحدثوا التفكر في قلوبهم فيعلموا انه تعالى ما خلقهما وما بينهما من المخلوقات التي هم من جملتها ملتبسة بشيء من الاشياء الا ملتبسة بالحق او يقولوا هذا القول معترفين بمضمونه اثر ما علموه والمراد بالحق هو الثابت الذي يحق ان يثبت لا محالة لابتنائه على الحكمة البالغة والغرض الصحيح الذي هو استشهاد المكلفين بذواتها وصفاتها واحوالها المتغيرة على وجود صانعها D ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته واختصاصه بالمعبودية وصحة اخباره التي من جملتها احياؤهم بعد الفناء بالحياة الابدية ومجازاتهم بحسب اعمالهم غب ما تبين المحسن من المسيء وامتازت درجات افراد كل من الفريقين حسب امتياز طبقات علومهم واعتقاداتهم المترتبة على انظارهم فيما نصب في المصنوعات من الآيات والدلائل والامارات والمخايل كما نطق به قوله تعالى وهو الذي خلق السموات والارض في ستة ايام وكان عرشه على الماء ليبلوكم ايكم احسن عملا فإن العمل غير مختص بعمل الجوارح ولذلك فسره بقوله ايكم احسن عقلا واورع عن محارم الله واسرع في طاعة الله وقد مر تحقيقه في اوائل سورة هود عليه السلام وقوله تعالى واجل مسمى عطف على الحق أي وبأجل معين قدرة الله تعالى لبقائها لا بد لها من ان تنتهي اليه لا محالة وهو وقت قيام الساعة هذا وقد جوز ان يكون قوله تعالى في انفسهم صلة للتفكر على معنى او لم يتفكروا في انفسهم التي هي اقرب المخلوقات اليهم وهم اعلم بشئونها واخبر بأحوالها منهم بأحوال ما عداها فيتدبروا ما اودعها الله تعالى ظاهرا وباطنا من غرائب الحكم الدالة على التدبير دون الاهمال