الروم 19 21 رحمته ونعمته شواهد ناطقة بتنزهه تعالى واستحقاقه الحمد وموجبة لتسبيحه وتحميده حتما وقوله تعالى وعشيا عطف على حين تمسون وتقديمه على حين تظهرون لمراعاة الفواصل وتغيير الاسلوب لما انه لا يجيء منه الفعل بمعنى الدخول في العشى كالمساء والصباح والظهيرة ولعل السر في ذلك انه ليس من الاوقات التي تختلف فيها احوال الناس وتتغير تغيرا ظاهرا مصححا لوصفهم بالخروج عما قبلها والدخول فيها كالاوقات المذكورة فإن كلا منها وقت تتغير فيه الاحوال تغيرا ظاهرا اما في المساء والصباح فظاهر واما في الظهيرة فلانها وقت يعتاد فيه التجرد عن الثياب للقيلولة كما مر في سورة النور وقيل المراد بالتسبيح والحمد الصلاة لاشتمالها عليهما وقد روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان الآية جامعة للصلوات الخمس تمسون صلاتا المغرب والعشاء وتصبحون صلاة الفجر وعشيا صلاة العصر وتظهرون صلاة الظهر ولذلك ذهب الحسن الى انها مدنية اذ كان يقول ان الواجب بمكة ركعتان في أي وقت اتفقتا وانما فرضت الخمس بالمدينة والجمهور على انها فرضت بمكة وهو الحق لحديث المعراج وفي آخره هن خمس صلوات كل يوم وليلة عن النبي من سره ان يكال له بالقفيز الأوفي فليقل فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون الآية وعنه من قال حين يصبح فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون الى قوله تعالى وكذلك تخرجون أدرك ما فاته في يومه ومن قالها حين يمسي ادرك ما فاته في ليلته وقرىء حينا تمسون وحينا تصبحون أي تمسون فيه وتصبحون فيه يخرج الحي من الميت كالانسان من النطفة والطير من البيضة ويخرج الميت من الحي النطفه والبيضة من الحيوان ويحيي الارض بالنبات بعد موتها يبسها وكذلك ومثل ذلك الاخراج تخرجون من قبوركم وقرىء تخرجون بفتح التاء وضم الراء وهذا نوع تفصيل لقوله تعالى الله يبدا الخلق ثم يعيده ومن آياته الباهره الداله على انكم تبعثون دلاله اوضح مما سبق فإن دلاله بدء خلقهم على إعادتهم اظهر من دلالة اخراج الحي من الميت واخراج الميت من الحي ومن دلالة احياء الارض بعد موتها عليها أن خلقكم أي في ضمن خلق آدم عليه السلام لما مر مرارا من أن خلقه منطو على خلق ذرياته انطواء اجماليا من تراب لم يشم رائحة الحياة قط ولا مناسبة بينه وبين ما انتم عليه في ذاتكم وصفاتكم ثم اذا انتم بشر تنتشرون أي فاجأتم بعد ذلك وقت كونكم بشرا تنتشرون في الارض وهذا مجمل ما فصل في قوله تعالى يا يها الناس ان كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة الآية ومن آياته الدالة على ما ذكر من البعث وما بعده من الجزاء ان خلق لكم أي