سورة الاحزاب 1 2 .
بسم الله الرحمن الرحيم يأيها النبي اتق الله في ندائه بعنوان النبوة تنويه بشأنه وتنبيه على سمو مكانه والمراد بالتقوى المأمور به الثبات عليه والازدياد منه فإن له بابا واسعا وعرضا عريضا لا ينال مداه و لاتطع الكافرين أي المجاهرين بالكفر والمنافقين المضمرين له أي فيما يعود بوهن في الدين وإعطاء دنية فيما بين المسلمين روى أن أبا سفيان بن حرب وعكرمة بن ابي جهل وأبا الاعور السلمى قدموا عليه في الموادعة التي كانت بينه وبينهم وقام معهم عبدالله بن ابي ومعتب بن قشير والجد بن قيس فقالوا لرسول الله ارفض ذكر آلهتنا وقل إنها تشفع وتنفع وندعك وربك فشق ذلك على النبي والمؤمنين وهموا بقلتهم فنزلت أي اتق الله في نقض العهد ونبذ الموادعة ولا تساعد الكافرين من أهل مكة والمنافقين من اهل المدينة فيما طلبوا اليك ان الله كان عليما حكيما مبالغا في العلم والحكمة فيعلم جميع الاشياء من المصالح والمفاسد فلا يأمرك الا بما فيه مصلحة ولا ينهاك الا عما فيه مفسدة ولا يحكم الا بما تقتضيه الحكمة البالغة فالجملة تعليل للامر والنهي مؤكد لوجوب الامتثال بهما واتبع أي في كل ما تأتي وتذر من امور الدين ما يوحي اليك من ربك من الآيات التي من جملتها هذه الآية الآمرة بتقوى الله الناهية عن مساعدة الكفرة والمنافقين والتعرض لعنوان الربوبية لتأكيد وجوب الامتثال بالامر ان الله كان بما يعملون خبيرا قيل الخطاب للرسول والجمع للتعظيم وقيل له وللمؤمنين وقيل للغائبين بطريق الالتفات ولا يخفى بعده نعم يجوز ان يكون للكل على ضرب من التغليب وايا ما كان فالجملة تعليل للامر وتأكيد لموجبه اما على الوجهين الأولين فبطريق الترغيب والترهيب كأنه قبل ان الله خبير بما تعملونه من الامتثال وتركه فيرتب على كل منهما جزاءه ثوابا وعقابا واما على الوجه الاخير فبطريق الترغيب فقط كأنه قيل ان الله خبير بما يعمله كلا الفريقين فيرشدك الى ما فيه صلاح حالك وانتظام امرك ويطلعك على ما يعملونه من المكايد والمفاسد ويأمرك بما ينبغي لك ان تعمله في دفعها وردها فلا بد من اتباع الوحي والعمل بمقتضاه حتما