الاحزاب 29 30 فخيرها فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة ثم اختارت الباقيات اختيارها فشكر لهن الله ذلك فنزل لا يحل لك النساء من بعد واختلف في أن هذا التخيير هل كان تفويض الطلاق إليهن حتى يقع الطلاق بنفس الاختيار أولا فذهب الحسن وقتادة وأكثر أهل العلم الى انه لم يكن تفويض الطلاق وإنما كان تخييرا لهن بين الارادتين على أنهن إن أردن الدنيا فارقهن كما ينبئ عنه قوله تعالى فتعالين امتعكن وأسرحكن وذهب آخرون الى أنه كان تفويضا للطلاق إليهن حتى لو أنهن اخترن انفسهن كان ذلك طلاقا وكذا اختلف في حكم التخيير فقال ابن عمر وابن مسعود وابن عباس رضى الله عنهم إذا خير رجل امرأته فاختارت زوجها لا يقع شئ أصلا ولو اختارت نفسها وقعت طلقة بائنة عندنا ورجعية عند الشافعى وهو قول عمر بن عبد العزيز وابن ابي ليلى وسفيان وروى عن زيد بن ثابت انها إن اختارت زوجها يقع طلقة واحدة وإن اختارت نفسها يقع ثلاث طلقات وهو قول الحسن ورواية عن مالك وروى عن علي رضى الله عنه أنها إن اختارت زوجها فواحدة رجعية وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة وروى عنه أيضا انها إن اختارت زوجها لا يقع شئ أصلا وعليه إجماع فقهاء الأمصار وقد روى عن عائشة Bها خيرنا رسول الله فاخترناه ولم يعده طلاقا وتقديم التمتيع على التسريح من باب الكرم وفيه قطع لمعاذيرهن من أول الامر والمتعة في المطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها صداق عند العقد واجبة عندنا وفيما عداهن مستحبة وهي درع وخمار وملحفة بحسب السعة والاقتار إلا أن يكون نصف مهرها أقل من ذلك فحينئذ يجب لها الاقل منهما ولا ينقص عن خمسة دراهم وإن كنتن تردن الله ورسوله أي تردن رسوله وذكر الله D للإيذان بجلالة محله عنده تعالى والدار الآخرة أي نعيمها الذي لا قدر عنده للدنيا وما فيها جميعا فإن الله اعد للمحسنات منكن بمقابلة إحسانهن أجرا عظيما لا يقادر قدره ولا يبلغ غايته ومن للتبيين لأن كلهن محسنات وتجريد الشرطية الأولى عن الوعيد للمبالغة في تحقيق معنى التخيير والاحتراز عن شائبة الإكراه وهو السر فيما ذكر من تقديم التمتيع على التسريح وفي وصف السراح بالجميل يا نساء النبي تلوين للخطاب وتوجيه له إليهن لإظهار الاعتناء بنصحهن ونداؤهن ههنا وفيما بعده بالاضافة اليه لأنها التي يدور عليها ما يرد عليهن من الاحكام من يأت منكن بفاحشة بكبيرة مبينة ظاهرة القبح من بين بمعنى تبين وقرئ بفتح الياء والمراد بها كل ما اقترفن من الكبائر وقيل هي عصيانهن لرسول الله ونشوزهن وطلبهن منه ما يشق عليه او ما يضيق به ذرعه ويغتم لأجله وقرئ تأت بالفوقانية يضاعف لها العذاب ضعفين أي يعذبن ضعفى عذاب غيرهن أي مثليه لأن الذنب منهن اقبح فإن زيادة قبحه تابعة لزيادة فضل المذنب والنعمة عليه