ص 76 80 وقوله تعالى قال انا خير منه ادعاء منه لشيء مستلزم لمنعه من السجود على زعمه واشعار بأنه لا يليق ان يسجد الفاضل للمفضول كما يعرب عنه قوله لم اكن لاسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون وقوله تعالى خلقتني من نار وخلقته من طين تعليل لما ادعاه من فضله E ولقد اخطأ اللعين حيث خص الفضل بما من جهة المادة والعنصر وزل عنه ما من جهة الفاعل كما انبأ عنه قوله تعالى لما خلقت بيدي وما من جهة الصورة كما نبه عليه قوله تعالى ونفخت فيه من روحي وما من جهة الغاية وهو ملاك الامر ولذلك امر الملائكة بسجوده عليهم السلام حين ظهر لهم انه اعلم منهم بما يدور عليه امر الخلافة في الارض وان له خواص ليست لغيره قال فاخرج منها الفاء لترتيب الامر على ما ظهر من اللعين من المخالفة للامر الجليل وتعليلها بالأباطيل أي فاخرج من الجنة او من زمرة الملائكة وهو المراد بالامر بالهبوط لا الهبوط من السماء كما قيل فإن وسوسته لآدم عليه السلام بعد هذا الطرد وقد بين كيفية وسوسته في سورة البقرة وقيل اخرج من الخلقة التي كنت فيها وانسلخ منها فإنه كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان ابيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا وقوله تعالى فإنك رجيم تعليل للامر بالخروج أي مطرود من كل خير وكرامة فإن من يطرد يرجم بالحجارة او شيطان يرجم بالشهب وان عليك لعنتي أي ابعادي عن الرحمة وتقييدها بالاضافة مع اطلاقها في قوله تعالى وان عليك اللعنة لما ان لعنة اللاعنين من الملائكة والثقلين ايضا من جهته تعالى وانهم يدعون عليه بلعنة الله تعالى وابعاده من الرحمة الى يوم الدين أي يوم الجزاء والعقوبة وفيه ايذان بأن اللعنة مع كمال فظاعتها ليست جزاء لجنايته بل هي انموذج لما سيلقاه مستمرا الى ذلك اليوم لكن لا على انها تنقطع يومئذ كما يوهمه ظاهر التوقيت بل على انه سيلقى يومئذ من الوان العذاب وافانين العقاب ما ينسى عنده اللعنة وتصير كالزائل الا يرى الى قوله تعالى فأذن مؤذن بينهم ان لعنة الله على الظالمين وقوله تعالى ويلعن بعضهم بعضا قال رب فأنظرني أي امهلني واخرني والفاء متعلقة بمحذوف ينسحب عليه الكلام أي اذا جعلتني رجيما فأمهلني ولا تمتني الى يوم يبعثون أي آدم وذريته للجزاء بعد فنائهم واراد بذلك ان يجد فسحة لاغوائهم ويأخذ منهم ثأره وينجو من الموت بالكلية اذ لا موت بعد يوم البعث قال فإنك من المنظرين ورود الجواب بالجملة الاسمية مع التعرض لشمول ما سأله لآخرين على وجه يشعر