الزمر 6 الجملة بحرف التنبيه لإظهار كمال الاعتناء بمضمونها خلقكم من نفس واحدة بيان لبعض آخر من أفعاله الدالة على ما ذكر وترك عطفه على خلق السموات للإيذان باستقلاله في الدلالة ولتعلقه بالعالم السفلى والبداءة بخلق الإنسان لعراقته في الدلالة لما فيه من تعاجيب آثار القدرة وأسرار الحكمة وأصالته في المعرفة فإن الانسان بحال نفسه أعرف والمراد بالنفس نفس آدم عليه السلام وقوله ثم جعل منها زوجها عطف على محذوف هو صفة لنفس أي من نفس خلقها ثم جعل منها زوجها أو على معنى واحدة أي من نفس وحدت ثم جعل منها زوجها فشفعها أو على خلقكم لتفاوت ما بينهما في الدلالة فإنهما وإن كانتا آيتين دالتين علىما ذكر لكن الاولى لاستمرارها صارت معتادة وأما الثانية فحيث لم تكن معتادة خارجة عن قياس الاولى كما يشعر به التعبير عنها بالجعل دون الخلق كانت أدخل في كونها آية وأجلب للتعجب من السامع فعطفت على الاولى بثم دلالة على مباينتها لها فضلا ومزية وتراخيها عنها فيما يرجع الى زيادة كونها آية فهو من التراخى في الحال والمنزلة وقيل أخرج ذرية آدم من ظهره كالذر ثم خلق منه حواء ففيه ثلاث آيات مترتبة خلق آدم عليه السلام بلا أب وأم وخلق حواء من قصيراه ثم تشعيب الخلق الفائت للحصر منهما وقوله تعالى وأنزل لكم بيان لبعض آخر من أفعاله الدالة على ما ذكر أي قضى أو قسم لكم فإن قضاياه وقسمه توصف بالنزول من السماء حيث تكتب في اللوح المحفوظ أو أحدث لكم بأسباب نازلة من السماء كالامطار وأشعة الكواكب من الانعام ثمانية أزواج ذكرا وأنثى هي الإبل والبقر والضأن والمعز وقيل خلقها في الجنة ثم انزلها وتقديم الظرفين على المفعول الصريح لما مر مرارا من الاعتناء بما قدم والتشويق الى ما أخر فإن كون الانزال لمنافعهم وكونه من الجهة العالية من الامور المهمة المشوفة الى ما أنزل لا محالة وقوله تعالى يخلقكم في بطون امهاتكم استئناف مسوق لبيان كيفية خلقهم وأطواره المختلفة الدالة على القدرة الباهرة وصيغة المضارع الدلالة على التدرج والتجدد وقوله تعالى خلقا من بعد خلق مصدر مؤكد أي يخلقكم فيها خلقا كائنا من بعد خلق أي خلقا مدرجا حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عارية من بعد مضع مخلقة من بعد مضغ غير مخلقة من بعد علقه من بعد نطفة في ظلمات ثلاث متعلق بيخلقكم وهي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة أو ظلمة الصلب والبطن والرحم ذلكم إشارة إليه تعالى باعتبار أفعاله المذكورة وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلته تعالى في العظمة والكبرياء ومحله الرفع على الابتداء أي ذلكم العظيم الشأن الذي عددت أفعاله الله وقوله تعالى ربكم خبرا آخر أي مرببكم فيما ذكر من الاطوار وفيما بعدها ومالككم المستحق لتخصيص العبادة به له الملك على الاطلاق في الدنيا والآخرة ليس لغيره شركة في ذلك بوجه