1410 - .
والفاء في قوله تعالى فارتقب لترتيب الارتقاب أو الأمر به على ما قبلها فإن كونهم في شك مما يوجب ذلك حتما أي فانتظر لهم يوم تأتى السماء ابدخان مبين أى يوم شدة ومجاعة فإن الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان إما لضعف بصره أو لأن في عام القحط يظلم الهواء لقلة الأمطار وكثرة الغبار أو لأن العرب تسمى الشر الغالب دخانا وذلك أن قريشا لما استعصت رسول الله A دعا عليهم فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف فأخذتهم سنة حتى أكلوا الجيف والعظام والعلهز وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان وكان يحدث الرجل يسمع كلامه ولا يراه من الدخان وذلك قوله تعالى يغشى الناس أى يحيط بهم هذا عذاب أليم أى قائلين ذلك فمشى إليه E أبو سفيان ونفر معه وناشدوه الله تعالى والرحم وواعدوه إن دعا لهم وكشف عنهم أن يؤمنوا وذلك قوله تعالى ربنا أكشف عنا العذاب إنا مؤمنون وهذا قول ابن عباس وابن مسعود رضى الله عنهم وبه أخذ مجاهد ومقاتل وهو اختيار الفراء والزجاج وقيل هو داخان يأتي من السماء قبل يوم القيامة فيدخل في اسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيد ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت أو قد فيه ليس خصاص وعن رسول الله صلى الله عليه سولم اول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس الى المحشر قال حذيفة يا رسول الله وما الدخان فتلا الآية وقال يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة أما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكمة وأما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره والأول هو الذى يستدعيه مساق النظم الكريم قطعا فإن قوله تعالى إنى لهم الذكرى الخ رد لكلامهم واستدعائهم الكشف وتكذيب لهم في الوعد بالإيمان المنبىء عن التذكر والاتعاظ بما اعتراهم من الداهية أى كيف يتذكرون أو من أين يتذكرون بذلك ويفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب عنهم وقد جاءهم رسول مبين أى والحال أنهم شاهدوا من دواعى التذكر وموجبات الاتعاظ ما هو أعظم منه في إيجابها حيث جاءهم رسول عظيم الشأن وبين لهم مناهج الحق بإظهار آيات ظاهره ومعجزات قاهرة تخر لها صم الجبال ثم تولوا عنه عن ذلك الرسول وهو هو ريثما شاهدوا منه ما شاهدوا من العاظئم الموجبة للإقبال عليه ولم يقتنعوا بالتولى