11 - الإنفاق المأمور به بعد توبيخهم على ترك الإيمان بإنكار أن يكون لهم في ذلك أيضا عذر من الأعذار وحذف المفعول لظهور أنه الذى بين حاله فيما سبق وتعيين المنفق فيه لتشديد التوبيخ أى وايى شيء لكم في أن لا تنفقوا فيما هو قربة الى الله تعالى ما هو في الحقيقة وإنما أنتم خلفاؤه في صرفه الى ما عينه من المصارف وقوله تعالى ولله ميراث السموات والأرض حال من فاعل لا تنفقوا ومفعلوه مؤكدة للتوبيخ فإن ترك الإنفاق بغير سبب قبيح منكر ومع تحقق ما يوجب الإنفاق أشد في القبح وأدخل في الإنكار فإن بيان بقاء جميع ما في السموات والأرض من الأموال بالآخرة لله D من غير أن يبقى من اصحابها أحد أقوى في إيجاب الإنفاق عليهم من بيان انها لله تعالى في الحقيقة وهم خلفاؤه في التصرف فيها كأنه قيل وما لكم في ترك إنفاقها في سبيل الله والحال أنه لا يبقى لكم منها شيء بل يبقى كلها لله تعالى وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار لزيادة التقرير وتربية المهابة وقوله تعالى لا يستوى منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل بيان لتفاوت درجات المنفقين حسب تفاوت أحوالهم في الإنفاق بعد بيان أن لهم أجرا كبيرا على الإطلاق حثا لهم على تحرى الأفضل وعطف القتال على الإنفاق للإيذان بأنه من أهم مواد الإنفاق مع كونه في نفسه من افضل العبادات وانه لا يخلو من الإنفاق أصلا وقسيم من أنفق محذوف لظهوره ودلالة ما بعده عليه وقرىء قبل الفتح بغير من والفتح فتح مكة أولئك إشارة الى من أنفق والجمع بالنظر الى معنى من كما أن إفراد الضميرين السابقين بالنظر الى لفظها وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار ببعد منزلتهم وعلو طبقتهم في الفضل ومحله الرفع على الابتداء أى أولئك المنعوتون بذينك النعتين الجميلين إعظم درجة وأرفع منزلة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا لأنهم إنما فعلوا ما فعلوا من الإنفاق والقتال قبل عزة الإسلام وقوة أهله عند كمال الحاجة الى النصرة بالنفس والمال وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين قال فيهم النبي A لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وهؤلاء فعلوا ما فعلوا بعد ظهور الدين ودخول الناس فيه أوفواجا وقلة الحاجة الى الإنفاق والقتال وكلا أى وكل واحد من الفريقين وعد الله الحسنى أى المثوبة الحسنى وهي الجنة لا الأولين فقط وقرىء وكل بالرفع على الابتداء أى وكل وعده الله تعالى والله بما تعملون بصير بظواهره وبواطنه فيجازيكم بحسبه وقيل نزلت الآية في أبي بكر رضى الله تعالى عنه فإنه أول من آمن وأول من انفق في سبيل الله وخاصم الكفار حتى ضرب ضربا أشرف به على الهلاك وقوله تعالى من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا ندب بليغ من الله تعالى إلى الأنفاق في سبيله بعد الأمر به والتوبيخ على تركه وبيان درجات المنفقين أى من ذا الذى ينفق ماله في سبيله تعالى رجاء أن يعوضه فإنه كمن يقرضه وحسن الإنفاق بالإخلاص فيه وتحرى أكرم المال وأفضل الجهات فيضاعفه له بالنصب على جواب الاستفهام باعتبار المعنى كأنه قيل أيقرض الله أحد فيضاعفه له أى فيعطيه أجره أضعافا وله أجر كريم اى