54 - .
الناعى عليهم أنهم أسوأ الناس أعمالا او إلى ما وصف حالهم في النفاق والكذب والاستتار بالإيمان الصورى وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد المشار إليه لما مر مرارا من الإشعار ببعد منزلته في الشر بأنهم أى بسبب أنهم آمنوا أى نطقوا بكلمة الشهادة كسائر من يدخل في الإسلام ثم كفروا أى ظهر كفرهم بما شوهد منهم من شواهد الكفر ودلائله أو نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم فطبع على قلوبهم حتى تمرنوا على الكفر واطمأنوا به وقرىء على البناء للفاعل وقرىء فطبع الله فهم لا يفقهون حقيقة الإيمان ولا يعرفون حقيقته أصلا وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم لضخامتها ويروقك منظرهم لصباحة وجوههم وإن يقولوا تسمع لقولهم لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم وكان ابن أبي جسيما فصيحا يحضر مجلس رسول الله A في نفر من أمثاله وهم رؤساء المدينة وكان E ومن معه يعجبون بها كلهم ويسمعون الى كلامهم وقيل الخطاب لكل أحد ممن يصلح للخطاب ويؤيده قراءة يسمع على البناء للمفعول وقوله تعالى كأنهم خشب مسندة في حيز الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف أو كلام مستأنف لا محل له شبهوا في جلوسهم في مجالس رسول الله A مستندين فيها بخشب منصوبة مسندة الى الحائط في كونهم أشباحا خالية عن العلم والخير وقرىء خشب على انه جمع خشبة كبدن جمع بدنة وقيل هو جمع خشباء وهي الخشبة التي دعر جوفها أى فسد شبهوا بها في نفاقهم وفساد بواطنهم وقرىء خشب كمدرة ومدر يحسبون كل صيحة عليهم أى واقعة عليهم ضارة لهم لجبنهم واستقرار الرعب في قلوبهم وقيل كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وأموالهم هم العدو أى هم الكاملون في العداوة والراسخون فيها فإن أعدى الأعادى العدو المكاشر الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوى والجملة مستأنفة وجعلها مفعولا ثانيا للحسبان مما لا يساعده النظم الكريم أصلا فإن الفاء في قوله تعالى فاحذرهم لترتيب الأمر بالحذر على كونهم أعدى الأعداء قاتلهم الله دعاء عليهم وطلب من ذاته تعالى أن يلعنهم ويخزيهم أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك وقوله تعلى أنا يؤفكون تعجيب من حالهم أى كيف يصرفون عن الحق إلى ما هم عليه من الكفر الضلال وإذا قيل لهم عند ظهور جنايتهم بطريق النصيحة تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم أى عطفوها استكبارا ورأيتهم يصدون يعرضون عن القائل أو عن الاستغفار وهم مستكبرون