72 - سورة الجن 8 11 .
ظنوا أي الانس كما ظننتم أيها الجن على أنه كلام بعضهم لبعض أن لن يبعث الله احدا وقيل المعنى ان الجن ظنوا كما ظننتم أيها الكفرة الخ فتكون هذه الآية وما قبلها من جملة الكلام الموحى به والأقرب انهما كذلك على كل تقدير عطفا على أنه استمع اذ لا معنى لادراجهما تحت ما ذكر من الايمان والتصديق وكذا قوله تعالى وأنا لمسنا السماء وما بعده من الجمل المصدرة بأنا ينبغي أن تكون معطوفة على ذلك على أن الموحى عين عبارة الجن بطريق الحكاية كأنه قيل قل أوحى الي كيت وكيت وهذه العبارات اي طلبنا بلوغ السماء او خبرها واللمس مستعار من المس للطلب كالجس يقال لمسه والتمسه وتلمسه كطلبه وأطلبه وتطلبه فوجدناها ملئت حرسا اي حراسا اسم جمع كخدم مفرد اللفظ ولذلك قيل شديدا قويا وهم الملائكة يمنعونهم عنها وشهبا جمع شهاب وهي الشعلة المقتبسة من نار الكواكب وأنا كنا نقعد قبل هذا منها من السماء مقاعد للسمع خالية عن الحرس والشهب او صالحة للترصد والاستماع وللسمع متعلق بنقعد اي لأجل السمع او بمضمر هو صفة لمقاعد كائنة للسمع فمن يستمع الآن في مقعد من المقاعد يجد له شهابا رصدا اي شهابا راصدا له ولأجله يصده عن الاستماع بالرجم او ذوي شهاب راصدين له على أنه اسم مفرد في معنى الجمع كالحرس قيل حدث هذا عند مبعث النبي E والصحيح أنه كان قبل البعث ايضا لكنه كثر الرجم بعد البعثة وزاد زيادة حتى تنبه لها الانس والجن ومنع الاستراق اصلا فقالوا ما هذا الا لأمر اراده الله تعالى بأهل الأرض وذلك قولهم وأنا لا ندري اشر اريد بمن في الأرض بحراسة السماء أم اراد بهم ربهم رشدا اي خيرا ونسبة الخير الى الله تعالى دون الشر من الآداب الشريفة القرآنية كما في قوله تعالى واذا مرضت فهو يشفين ونظائره وأنا منا الصالحون اي الموصوفون بصلاح الحال في شأن انفسهم وفي معاملتهم مع غيرهم المائلون الى الخير والصلاح حسبما تقتضيه الفطرة السليمة لا الى الشر والفساد كما هو مقتضى النفوس الشريرة ومنا دون ذلك اي قوم دون ذلك فحذف الموصوف وهم المقتصدون في صلاح الحال على الوجه المذكور لا في الايمان والتقوى كما توهم فان هذا بيان لحالهم قبل استماع القرآن كما تعرب عنه قوله تعالى كنا طرائق قددا وأما حالهم بعد استماعه فسيحكي بقوله تعالى وأنا لما سمعنا الهدى الى قوله تعالى وأنا منا المسلمون أي كنا قبل هذا ذوي طرائق اي مذاهب او مثل طرائق في اختلاف الأحوال او كانت طرائقنا طرائق قدد اي متفرقة مختلفة